نشأة الدولة الأموية
أسس معاوية بن أبي سفيان الدولة الأموية - وكان عاصمتها دمشق - على التقاليد والقيم الإسلامية، وأحكام الشريعة الإسلامية. تلك الأحكام والتقاليد التي تعلمها من مرافقته لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك في عام 662 ميلادية. وذلك عقب انتهاء فترة خلافة الإمام علي بن أبي طالب. وامتد حكم الدولة الأموية إلى عام 750م. وقد شهدت الدولة في عهد معاوية وفي عهد بعض خلفائها الذين ساروا على نهج الخلافة الإسلامية (عبد الملك، ووليد الأول، وهشام) ازدهار كبيرا. وقد امتدت حدودها من أطراف الصين شرقاً حتى جنوب فرنسا غرباً. وقد تمكنت الدولة الأموية من فتح إفريقية والمغرب والأندلس وجنوب البنغال والسند وما وراء النهر.
اسباب انهيار الدولة الاموية
ولقد انهارت الدولة الأموية وتبعثرت أركانها، وأصبحت جزء من التاريخ نستلهم منه العبر، ونقرأ فيه النهوض والازدهار والانهيار. ومما خطه المؤرخون من أسباب أدت إلى موت الدولة الأموية وتحلل أركانها، ما يلي:
- البُعد عن تطبيق الشّريعة وسياسة الرجل الواحد
كان من أثار البعد عن تطبيق الشريعة والقيم الإسلامية واختير الخلفاء بالنّظام الوراثيّ (أي: أصبح الحكم ميراث يرثه الأبناء عن الإباء) دون الرجوع إلى القيم الإسلامية في الحكم من شورى وحرية وعدل ومساوة، وانتشار الظلم. كما كان من أثار البعد عن تطبيق الشريعة والقيم الإسلامية تحول بيت المال إلى ملكية خاصة للخلفاء. فأنفق الخلفاء من بيت المال على أنفسهم وما يحيط بهم من حاشية السوء في اللهو والعبث والشهوات والرذائل، دون النظر والاهتمام برفاهية الوطن والمواطن. وزاد هذا السفه والمجون في عهود وليد الثاني، ويزيد الثاني، ويزيد الثالث ويزيد بن عبد الملك، والوليد بن يزيد. وقد نتج عن استبداد هؤلاء الملوك وانغماسهم في الشهوات إلى ازدياد كراهية الأمة ضدهم. ولم يقتصر انغماس الخلفاء في العصور المتأخرة للدولة الأموية على اللهو واللعب والبعد عن الأخلاق والقيم الإسلامية الحميدة فقط، بل تخلوا عن القيادة الدينية للأمة وانابوا الولاة والأمراء عنهم. وقد أدي ذلك إلى أبعدهم من الرعية، وعن علماء الدين الربانين. وببعدهم عن العلماء الثقاة لم يجدوا من يسدون إليهم النصح بما يصلح دنياهم ودينهم معا. كذلك تركوا القيام بدور القضاء، والفصل بين الناس في الخصومات، والحج بالناس والإمامة في الأعياد والجمع والصلوات. وقد أدي ذلك إلى الأضعف من شخصياتهم في أعين الرأي العام.
- الانقسام السياسي
بسبب النظام الوراثي للحكم والبعد عن مبدأ الشورى الذي أقره الإسلام عارض
الأموين بعض الفرق كالتوَّابين والخوارج ودعاة المختار والشيعة العلوية. ولم يقتصر الأمر على معارضة هذه الفرق، بل امتداد إلى دخولها في معارك عنيفة مع الدولة مما أضعفها. كذلك أدى الاستبداد الفردي بالحكم إلى
الظلم السياسي، متمثلا في جعل كلّ من يخالفهم الرأي عدوًّا، وإن كان ناصحا لهم
ويعمل لمصلحتهم. ومن مظاهر الفساد السياسي التي أدت إلى أفول الدولة وانهيارها فساد
كثير من الولاة. وقد تمثل فساد الولاة في سيطرتهم على الأراضي وتحويلها إلى إقطاعيّات زراعية خاصة بهم. ومن فساد الولاة أيضا فرضهم الضرائب الباهظة على الناس وسجن المعارِضين لهم و حتى قتلهم.
- جعل ولاية العهد لاثنين من أبناء الخليفة
نشأ عن جعل ولاية العهد في اثنين من أبناء الخليفة في نفس الوقت إلى نزاع بين أفراد البيت الأموي. فقد ولى مروان بن الحكم ولدية؛ عبد الملك ثم عبد العزيز. كذلك ولى عبد الملك ولديهالوليد ثم سليمان . وكان أيضا لانتقال الحكم من الفرع السفياني إلى الفرع المرواني معارك وحروب دامية مع ولاة الزبيرين. وظل الفرع المرواني يحكم الدولة الأموية حتى نهايتها على يد العباسيين. وكان الخلاف بين العنصرين اليمني والمضري في داخل البيت الاموي سبب من تصدعه وزوال الدولة الأموية.
- الأسباب الاقتصادية
كان الإبقاء على الجزية في كثير من الأحيان على من أسلم سببًا في تفاقم حقد
الناس على الحكم الأمويّ. كما كانت ضريبة الخراج أحد أسباب نزوح أهل الريف إلى
المدن، مما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي.
كان لظُهور العصبيّة القبليّة داخل الدّولة الأمويّة خُصوصاً بين العرب القيسيّة والعرب اليمانيّة السبب الرئيس في تصدع الدولة. كذلك كان التحيز للعرق العربي على حساب غير العرب المسلمين السبب في زيادة تذمر غير العرب أو ما يعرفوا بالموالي، وإشعالهم نار الثورة والغضب، وإثارة الاضطرابات ضد الدولة الأموية. وقد عجلت الثورة والاضطرابات ضد الدولة الأموية بفنائها وزوالها. وقد كان هذا تميز العرب على غير العرب واضح في الامتيازات الاقتصادية وفي تولي المناصب الحكومية وفي توزيع الغنائم الحربية.
- الأسباب الاجتماعية
أدى ظهور الخلافات المذهبية إلى نزاعات وصراعات دامية بين أنصار كل مذهب.
فقد كان اغلب أنصار بني أمية من السنة. وكان أنصار العلويين من الشيعة الذين حصروا
الخلافة في نسل سيدنا علي بن أبي طالب، ولم يكفوا عن المعارضة طيلة العصر الأموي.
على النقيض كان يعتقد جماعة الخوارج أن اختيار الخليفة من بين المسلمين هو أساس
لنظام الحكم. ولا يرون حصر الخلافة في جنس معين أو بيت معين. لم ينتهي الأمر عند
هذه الجماعات المتنافرة والمتناحرة. فقد ظهر على الساحة مجموعة أخرى ألا وهي
مجموعة العباسيين. تلك المجموعة التي ظهرت في أواخر العصر الأموي. وكانت منافسا
شديدا للأمويين والشيعة معًا. فقد انتشرت دعوت العباسيين ودخلوا في معارك طاحنة مع
الأموين في خُراسان والكوفة. وقد عجلت هذه المعارك بنهاية الدولة الأموية وانتقال الحُكم إلى
العباسيّين، في سنة 132 للهجرة.
- انغماس بعض الخلفاء في الترف
كان لغرق بعض خلفاء الدولة الأموية لأذنيهم في حياة البذخ والترف تقليدا بالبيت
البيزنطي أثر كبير في سقوط دولتهم.
- تأخر رواتب الجند في بعض الأحيان
ولما قلَّت الأموال، وتوقف كثير من ولاة الأقاليم عن إرسال الأموال إلى دار
الخلافة عجزت الدولة عن صرف روات الجند. والجند هم سلاح الحاكم ضد الخارجين على
الشريعة، والدرع الواقي للدولة ضد أعدائها. والجند من طبيعتهم إن
أُعطِوا ما لهم من عطاء كانت طاعتهم حاضرة، وإن لم يعطوا تذمروا وتخاذلوا، وتواطؤا
وتأمروا.
لمزيد من المعلومات عن أسباب انهيار الدولة الاموية، شاهد الفيديو و المرجع (x).
المراجع
https://archive.org/details/drmv6
https://archive.org/details/FP144673
تعليقات