كيف تعود الأمة الإسلامية إلى
عزها سابق عهدها؟
ما أصاب الأمة الإسلامية في العصور الأخيرة من ضعف ووهن لم يكن صدفة ولا مفاجأة. ولكن كان نتيجة طبيعية لما سبقه من ثغرات وأخطأ في منظومة القيم الأخلاقية وقيم الحكم والقيم الفكرية والاجتماعية. فالانحراف بهذه القيم عن منابعها الإسلامية الصافية؛ معيار الاستخلاف في الأرض كان نتيجته الحتمية الشقاق والتنازع والتخلف والإنهيار. ولن تعود الأمة إلى سابق عهدها وقوة مجدها دون التمسك بعقيدتها الإسلامية، وإحياء تراثها، والالتزام بقيمها ومبادئها النابعة من شريعتها. وعودة الأمة إلى قيامها ومبادئها الإسلامية هو الطريق الوحيدة لعودة مشروعها الحضاري.المشروع الوحيد القادر على انتشال الإنسانية من التدني الأخلاقي. ومن الصرعات التي تتفجر في كل ركن من أركان المعمورة. ومن الظلم الذي نشر ظله على كل شيء. ومن برك الدماء التي تسيل هنا وهناك. ولعودة الأمة إلى مجدها وعزة، ينبغي معرفة أسباب إنهيارها وتشرذم كينها دويلات تكالب عليها الجميع. ينهبون خيرتها ويعيثون في أرضها فسادا دون وجل أو خجل. وفيما يلي نسوق أهم أسباب إنهيار الحضارة الإسلامية للعظة والعبرة:
ما هي أسباب تخلف الدولة الإسلامية؟
- الانصراف عن قيم الإسلام وأخلاقه
انصراف الطبقات الحاكمة والفئات المتحالفة معها عن قيم الإسلام وأخلاقه ومثله السياسية والاجتماعية والاقتصادية، أو بمعنى آخر فصل الدين عن الحياة. أدى إلى الانغماس في الكثير من المفاسد والانحرافات الأخلاقية والأمراض الاجتماعية التي نخرت في جسد الامة. واستنفدت قوى أبنائها العقلية والجسدية والروحيةً. الاكثر من هذا انها ادت إلى هيمنة ثقافة الخوف وقيم الخنوع والاستسلام للواقع.، فانتشر الرياء والنفاق والكذب والتزلف الذي لاقى تشجيعا من الطبقات الحاكمة.
- التخلي عن مباديء الإسلام في الحكم
كانت الممارسة السياسية في وادي ومبادئ الإسلام من شورى ومساواة وعدالة وتسامح في واد آخر. مما أدى إلى تمزق وحدة الامة السياسية. وقيام ممالك ودول عدة على أنقاض الدولة الواحدة. وقد رافق تمزق الأمة وانقسامها سياسيا تمزق وحدتها الدينية. فكان يتنافس على زعامة المسلمين أكثر من خليفة. خلبفة عباسي في بغداد وأموي في قرطبة، وفاطمي في القاهرة. وقد أدت هذه الانقسامات إلى اندلاع حروب بين القوى الإسلامية. وما حدث بين ملوك الطوائف في الاندلس، مازال يلعنه التاريخ، وتشمئز منه القيم والمباديء الإسلامية إلهية التنزيل. واستخدمت القوى الاسلامية المختلفة الأساليب الوحشية والاغتيالات والحروب الاهلية لتثبيت سلطانها وتصفية مناوئيها. وما حدث للسلطان عز الدين أيبك وشجر الدر والسلطان قطز لا يخفى على احد. أما جماهير الأمة لم يكن لها علاقة بصنع القرار، بل كانت مهمومة بقوتها اليومي قبل القرطاس والقلم.
خضوع الانتاج الزراعي للنظام الافطاعي الذي يقضي بأن يقطع السلطان كل قائد في جيشه إقطاعاً من الأرض بدلاً من المرتبات التي كان يتقاضاها من الدولة. وفي المقابل يتعهد هذا القائد، بأن يخضع للسلطان مباشرة، ويؤدي ما عليه من التزامات مادية واجتماعية وعسكرية. وقد ألحق هذا النظام الكوارث بالأرض والفلاح. ففرضت الضرائب الشرعية وغير الشرعية. النقدية والعينية. وانتزعت الأرض من الفلاحين بطرق وحشية. وقد دفع هذا الفلاحين إلى الفرار من الأرض إلى المدن. فخربت الأرض الزراعية من ناحية. وخلقت المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في المدن من ناحية أخرى.
تدهورت التجارة تدهوراً كبيراً لا بسبب الضرائب والمكوس الشرعية وغير الشرعية وعمليات الابتزاز والمصادرة فحسب. وإنما أيضاً نتيجة تفتت العالم الإسلامي وانتشار الحروب الأهلية التي صاحبها انعدام الأمن والسلام على امتداد الطرق التجارية وانتشار القرصنة في البر والبحر. وإهمال الطرق والمسالك والمحطات البريدية ووضع العراقيل أمام انتقال التجار بين الدول الإسلامية المتنازعة.
- تدهور الصناعة
أدى تدهور الزراعة والتجارة إلى تدهور الصناعة. فعانت مما كان يجري في المدن من دمار وخراب وقتل وسلب وحرائق. كما عانى الصنّاع والحرفيون من عمليات الابتزاز والمصادرة. عانت الصناعة أيضا معانة شديدة نتيجة لنقل جنكيز خان مئات الصنّاع والحرفيين من المدن الإسلامية، التي استولى عليها مثل نيسابور وغيرها إلى منغوليا. فقد أدى هذا النقل إلى اختفاء الصنّاع والحرفيون، القوى الفكرية والمعرفية والمهارية الرئيسة في نهضة الصناعة وتطورها وجودة منتاجتها.
-
تخلف الحياة العلمية
تدهورت الحياة العلمية لاختفاء العقلية العلمية، وغياب الأفكار المبدعة، وانتشار الخرافات. وانشغل الادباء في تطريز العبارات وزخرفة الكلمات دون الاهتمام بالمحتوى الفكري. واهتم المؤرخون باستثناء القليل منهم (أمثال ابن خلدون والمقريزي) بالاهتمام بسير الخلفاء والسلاطين والملوك والأعيان. وغياب رعاة العلم من خلفاء ووزراء. وتوجيه العلم ومؤسساته نحو ميادين تخدم مصالح الخلفاء والسلاطين السياسية والمذهبية والإدارية. وارتباط التعليم في المدارس بشروط صاحب الأوقاف التي خصصت لها. فأي خلل بهذه الشروط تتوقف النفقة وتغلق المدرسة. والاهتمام بتدريس العلوم الدينية دون العلوم الطبيعية والفلسفية.
يرى كثير من المؤرخين أن العوامل الخارجية لا تُسقط حضارة إن لم تكن هذه الحضارة قد اكتملت أسباب سقوطها، ولم يبق إلا ساعة الانهيار. لكن لا يستطيع قاريء لتاريخ الامة أن يغفل أو يتغافل عن أن بعض الاسباب أو العوامل الخارجية كان لها دور ولو مساعد في تدهور الحضارة الاسلامية. فالحروب الصليبية كان لها بالغ الأثر في استنفاذ الموارد الاقتصادية لدول المشرق العربي. والغزوات المغولية وما أدت إليه من تدمير عواصم العلم والثقافة والتجارة مثل: سمرقند وبخارى ونيسابور وغيرها، فضلاً عن قتل وتشريد آلاف العلماء والأدباء.
بسبب الانقسامات والنزعات في الداخل بدأت تتأكل الأمة من أطرفها فسقطت صقلية، وبسقوطها خسرت الامة مركزاً مزدهرا ومتقدماً لحضارتهم في جنوب أوربا. وسقطت الأندلس فأدي إلى خسارة المسلمين بلداً متميزاً بثروته الاقتصادية وموقعه الاستراتيجي على الشاطئ الغربي للمتوسط.
لمزيد من المعلومات عن اسباب انهيار الحضارة الاسلامية، شاهد هذا الفيديو والمرجع المرفق [x].
noor-book.com/svt3nm
https://shamela.ws/book/23644
https://wellcomecollection.org/works/cdf43fzj
https://press.uchicago.edu/ucp/books/book/chicago/M/bo3638977.html
تعليقات