نظرة عامة عن نشأت الحضارة الإسلامية في الأندلس
في عهد الخلافة الأموية، فتح القائد الشاب طارق بن زياد الأندلس التي تقع في
جزيرة ايبريا في سنة 711 ميلادية. وذلك بعد انتصاره على القوطيين القبائل ذات الأصول الجرمانية التي تعود
جذورها إلى مناطق شرق أوروبا. استمر حكم وإقامة المسلمين في الأندلس ثمانية قرون. كانت فيها الاندلس درة العالم علما وجودة في الأداء ومدنية وتحضرا. وكانت قبلة الباحثين عن العلوم والعلم والمعرفة من مختلف بقاع
أوروبا والعالم. لكن سقطت الأندلس وانهارات تلك الحضارة التي مازالت أثارها تبهر
العالم حتى اليوم. فقصور الحمراء ومسجد قرطبة ومئذنة الخيرالدة
وجنة العريف والبرج الذهبي مازالت شاهدة على جودة الأداء والابداع في تلك الفترة المبهرة من تاريخ الأندلس.
سقطت الأندلس بسبب حياة الترف واللهو والبعد عن القيم الدينية ونتيجة ما داب بين الطوائف من خلاف وصراعات. فأدى استقلال كل طائفة أو
عائلة بارزة بمدينة من المدن وما يحيط بها إلى التنازع فيما بينهم. وادى التنازع إلى ذهاب ريحهم، فانقضت عليهم الممالك الإسبانية، وانتهى
الأمر بهزيمتهم في طليطلة عام 1085م. وبعد انتصار الممالك الأسبانية في طليطلة استولوا على الأندلس. بعد سقوط طليطلة، وافق يوسف بن تاشفين الذي أسس دولة المرابطين في المغرب
الأقصى 1056م على التدخل لوقف زحف الإسبان. وقد جاء هذا التدخل بناء على طلب من وفد من
علماء المسلمين في الأندلس في عام 1086م. تمكن المرابطون من تحقيق انتصارا كبيرا على
النصارى في معركة "الزلاقة"، لكنهم لم يتمكنوا من استعادة
طليطلة. بعد فترة طويلة، انهار حكم المرابطين في الأندلس بسبب فشلهم بالدفاع عن مدينة سرقسطة الأندلسية، وقيام ثورة في دولة المغرب أثرت
سلبا عليهم. ثم انتقل حكم الأندلس للموحدين. والموحدين دولة تأسست على يد محمد بن تومرت وحكمت شمال أفريقيا بين عامي
1130 و1269م. وقد
دافع الموحدين عن الأندلس في عدة مواقع بكل قوتهم، و انتهى حكمهم بعد هزيمتهم عام 1212م في موقعة "العقاب". وكان لحياة الترف واللهو والبعد عن
الدين، والتناحر والتصارع على الحكم، والولاية لغير المسلمين واسباب اخرى السبب
الرئيس في ضياع الأندلس.
اسباب سقوط الحضارة الإسلامية في الأندلس
- ضعف العقيدة الإسلامية فى النفوس والضمائر
سقطت الحضارة الإسلامية في الأندلس بسبب ضعف العقيدة الإسلامية فى النفوس والضمائر، وانهيار القيم الاسلامية. وقد أدى ضعف العقيدة إلى تطويع العوامل العنصرية - القبلية والقومية والوطنية - على وشيجة الأخوة الإسلامية، وانتشار الحقد والبغضاء والغيبة والنميمة. وكان من أسباب سقوط دولة الأندلس أيضا التفتت إلى طوائف والبعد عن الخلافة الجامعة. والتحالف مع أعداء الإسلام ضد إخوان العقيدة وشركاء الحضارة والمصير. وصمت العلماء والدعاة عن قول الحق والصدح به. وخيانت بعضهم للمسئولية الإسلامية العامة.
- حياة الترف واللهو والمجون
كان لحياة الترف والتخلي عن القيم الاسلامية وتبديد طاقة الأمة في الزينة والراحة والدعة (القصور المترفة والمساجد المتحفية). وانتشار القيم البذيئة واللهو والغناء والموسيقى والإنحلال والخمور وشتى صور الفساد. والتناحر فيما بين المسلمين من أجل نزوات الحكم وشهوات النفس. ودوافع العنصرية الدور الرئيس في إنهيار الحضارة الإسلامية في الأندلس.
- فساد النظام السياسى
فساد النظام السياسى ببعده عن المبادي والقيم الاسلامية في الحكم من شورى وعدل وحرية ومساوة وتبني الحكم المطلق وتنحية القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في الحكم بين الناس. وتغيب فريضة الجهاد ضد أعداء الإسلام والخضوع لمعاهدات ضد مصالح المسلمين السياسية. وتدخل بعض النساء في شؤون الحكم، فنشرن البغضاء والصراعات من وراء الكواليس، كما نشرن الفساد والانحلال.؛ وتعويق حركة الدعوة بالوسائل الدعوية المعروفة والمتدرجة. والاستبداد السياسي؛ وفقدان الولاء للإسلام وهبوط الشعور الاسلامى العام. وتولية أهل الثقفة والولاء للنظام والدولة. وتفتت الدولة إلى طوائف عاثت في الأرض فسادا.
- التخلف العلمي
عدم الاهتمام بالعلوم وغياب البيئة المناسبة للإبداع العلمى والعملى والزراعي. والتعصب للرأى والفقه والمذهب والجنس والوطن فى كثير من الفترات. والتغافل عما كان في جسد الاندلس من سرطانات (مملكتى قشتالة وأرجون) وعن من يدعمهم دبلوماسيا وكنسيا وعسكريا. وضغف الفقه الحضارى وغياب الوعى بسنن الله الاجتماعية فى تقدم الأمم وسقوطها.
ما بعد سقوط الحضارة الإسلامية في الأندلس
كما هو معروف ومدون في كتب التاريخ، أن أبو عبدالله الصغير سلم غرناطة إلى فرناندو في 25 نوفمبر 1491 (21 محرم 897 هـ). وقد جرى هذا التسلم بعد عقد معاهدة تقضي بأن يسلم أبو عبدالله الصغير غرناطة إلى فرناندو، ويخرج من الأندلس. ولكن سرعان ما نقض فرناندو العهد. وبدأت محاكم التفتيش في التعذيب والقتل والنفي بأهل الأندلس من المسلمين ومن اليهود. ولم يقتصر الأمر على التعذيب والتقتيل، ولكن فرض على المسلمين ترك الإِسْلاَمُ واعتناق المسيحية. كما حُرِّمَ عليهم استخدام اللغةَ العربية، والأسماء العربية، وارتداء اللباس العربي. ومن يخالف ذلك كَانَ يُحْرَقُ حَيًّا بعد أن يُعَذَّبَ أشد العذاب. رفض أهل الأندلس الاندماج مع المجتمع المسيحي وتمسكوا بالإسلام. كانوا يدافعون عن إسلامهم وشعائرهم بكل تفان. وحتى لا يصطدموا بمحاكم التفتيش لجأوا إلى ممارسة التقية فأظهروا إيمانهم المسيحي وأخفوا الإسلام.
ومما يسجله التاريع عن تمسك
المسلمون بدينهم وعقيدهم. تقرير المطران ربيرا (مهندس الطرد) سنة 1601م. ذلك التقرير الذي قدمه إلى الملك عن المورسكيين (بقية المسلمين
في الأندلس). فقد سجل فيه: "إن الدين الكاثوليكي هو دعامة المملكة الإسبانية. وإن المورسكيين لا يعترفون ولا يتقبلون البركة ولا الواجبات
الدينية الأخيرة. ولا يأكلون لحم
الخنزير. ولا يشربون النبيذ. ولا يعملون شيئا من الأمور التي يقوم بها النصارى…". ثم يضيف: "إننا لا نثق في ولائهم
لأنهم مارقون. وإن هذا المروق العام
لا يرجع إلى مسألة العقيدة. ولكنه يرجع إلى العزم الراسخ في أن يبقوا مسلمين. كما كان آباؤهم وأجدادهم. ويعرف مفتشوا العموم أن
المورسكيين (بعد أن يحجزوا عامين أو ثلاثة وتشرح لهم العقيدة في كل مناسبة) فإنهم
يخرجون دون أن يعرفوا كلمة منه. والخلاصة أنهم لا يعرفون العقيدة، لأنهم لا يريدون
معرفتها، ولأنهم لا يريدون أن يعملوا شيئا يجعلهم يبدون نصارى". وفي تقرير آخر يقول
المطران نفسه: "إن المورسكيين كفرة
متعنتون يستحقون القتل. وإن كل وسيلة للرفق بهم فشلت. وإن إسبانيا تتعرض من جراء وجودهم فيها إلى أخطار كثيرة
وتتكبد في رقابتهم والسهر على حركاتهم وإخماد ثوراتهم كثيرا من الرجال والمال..".
وجاء في قرار الطرد
الخاص بمسلمي بلنسية: "قد علمت أنني على مدى سنوات طويلة حاولت تنصير مورسكيي
هذه المملكة ومملكة قشتالة. كما علمت بقرارات العفو التي صدرت لصالحهم والإجراءات
التي اتخذت لتعليمهم ديننا المقدس، وقلة الفائدة الناتجة من كل ذلك. فقد لاحظنا أنه لم يتنصر أحد، بل زاد عنادهم.
لمزيد من المعلومات عن اسباب انهيار الحضارة الإسلامية في الأندلس شاهد الفيديو، واطلاع على المراجع المرفقة [x].
المراجع
https://rashf.com/book/111111866
https://tafahom.mara.gov.om/storage/al-tafahom/ar/2012/035/pdf/22.pdf
http://lostandalus.weebly.com/16051582157815891585-1587160216081591-1575160415711606158316041587.html
تعليقات