نشأة الدولة البيزنطية
نشأت الدولة البيزنطية على الجزء الشرقي من الإمبراطورية الرومانية وبقيت فيه على مدى 1000 عام. وقد كانت عاصمتها بيزنطة التي تعرف الأن بإسطنبول وموقعها في تركيا. غير الإمبراطور قسطنطين اسم العاصمة بيزنطة إلى القسطنطينية في فترة حكمه التي امتدت
لثلاثين عاما (عام 306 للميلاد). ازدهرت خلالها الإمبراطورية وأصبحت أكثر قوة. وقد اعتنق الإمبراطور قسطنطين الديانة المسيحية التي بقيت ديانة الإمبراطورية الرسمية على مدى عمرها الزمني. وقد وصلت الإمبراطورية ذروة قوتها، وامتلكت الأراضي، وزادت ثروتها في عهد الإمبراطور جستنيان الذي تولى مقاليد الحكم في عام 527 م. وشجّع الثقافة والفنون، والموسيقى، وطوّر الطرق، والجسور، والقنوات. وبنى كنيسة آيا صوفيا، وسعى إلى الإصلاح، خاصةً الإصًلااحات المتعلقة بالقانون. فمنح المرأة حق امتلاك وشراء الأراضي, ودُوّن القوانين في عدد كبير من الوثائق، وقد مكنته القوانين التي ورثها عن الدولة الرومانية على تنظيم شؤون الإمبراطورية القانونية والسياسية. والمحافظة على استقرارها.
تميزّت الدولة البيزنطية بتنوّعها الثقافي. وبتعدد وسائل الترفيه فيها، وبلغتها الواحدة اللغة البيزنطية. وبمزجها ما بين معتقدات الديانة المسيحية واليونانية. وما بين العلوم والآداب بمزجها ما بين بالامبراطورية اليونانية والامبراطورية البيزنطية. فحافظت على ما تركت الدولة اليونانية من معرفة ومعلومات وحرصت على نشر ثقافتها وإرثها عبر العالم. وقد كان للإرث البيزنطي تأثير واضح على الحضارات الأخرى. بما في ذلك العمارة البيزنطية التي ظهرت في بناء آيا صوفيا وجسر سنغاريوس، والفنون البيزنطية التي تأثر بها الفنانون في عصر النهضة في إيطاليا. اهتمت الدولة البيزنطية اهتماما كبيرا بالطب والعلوم. و يعتبر مفهوم المستشفي وتأليف الكتب التي تضمّ المعارف الطبية - معتمدا على المعرفة اليونانية و الرومانية في علوم الطب - احد انجازات الطب البيزنطي. كذلك اهتمت الدولة البيزنطية
بدراسة علوم الشمس والقمر، من أجل معرفة أوقات الصلاة. كما اتاحت التعليم لِكلا الجنسين. وساهمت في محو الأمية في أوروبا الغربية؛ لوضعها كثير من التسهيلات التي
تيسر للالتحاق بالتعليم الابتدائي. وكانت نسبة القادرين على القراءة والكتابة في ذاك الوقت تُقدّر بِحوالي 30% من عدد السكان. وقد انهارت وتفككت الدولة البيزنطية للعديد من الأسباب أهمها ما يلي:
اسباب انهيار الدولة البيزنطية
- الخلاف بين الكنيستين الشرقية (الكنيسة الأرثذوكسية) والغربية (الكنيسة الكاثوليكية)
استولت الحملة الصليبية الرابعة على القسطنطينية وطالبت بخضوع الكنيسة الشرقية لبابا روما، إلا أن رفض الأرثوذوكس لهذا أعاد القطيعة بين الكنيستين. فقد طالبت الكنيسة الغربية من قسطنطين الحادي عشر أن يعلن التبعية لبابا روما. لكي تقدم له المساعدات أمام الحصار العثماني في عام 1453م.
-
الانقسامات
الدينية
شهدت الإمبراطورية البيزنطية العديد من الانقسامات الدينية، التي تسببت
بظهور التوتر بين أفراد الشعب البيزنطي وشعب أوروبا الغربية. وأدى ذلك إلى الكثير من النزاعات الداخلية. كما شهدت الامبراطورية في فترة
من تاريخها تحطيم العديد من المعتقدات والصور والأيقونات الدينية. وذلك بعد انتشار موجة تحريمها واستمر الأمر فترة طويلة، حنى استطاع المجلس الكنائسي بإباحة تركها.
-
عدم الاستقرار السياسي
عانت الدولة البيزنطية من الحروب الأهلية وعدم الاستقرار السياسي لفترات من
تاريخها؛ مما تسبب في إضعافها. فالحروب الصليبة التي شهدتها الامبراطورية لم تكن
لمساعدتها. فقد تمرد الجنود فغزوا القسطنطينية وشاركوا في عمليات نهب وتخريب وتدمير واسعة النطاق أضعف التأثير العسكري والاقتصادي للإمبراطورية. مما أدى إلى غزو الأتراك العثمانيين في القرنين الثالث عشر والرابع عشر. كذلك ساعد انتشار الأوبئة على ضعف
الامبراطورية وعجل بنهايتها (طاعون جستنيان- وفاة 5000 يوميا في القسطنطينية).
- الأوضاع الاقتصادية السيئة
كان من أسباب انهيار الدولة البيزنطية انخفاض الثروات في الإمبراطورية مع
مرور الزمن. وتَشكّل النظام الإقطاعي في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة. وسيطر البنادقة والكتالونيون ورجال الدين على الأموال والأراضي والتجارة الدولية. واستيفاء الجنويون الرسوم الجمركية من خلال مرافئ القسطنطينية. والتكلفة الباهظة التي كان يدفعها الأباطرة لجلب الجنود لمواجهة العثمانيين.
- الحروب الأهلية
كانت الحروب الأهلية المنهكة والمتكررة من أكثر الاسباب أهمية لانهيار الأمبراطورية
البيزنطة. فقد وقعت ثلاثة من أسوأ فترات الحروب الأهلية والاقتتال الداخلي أثناء
تراجع بيزنطة. في كل مرة، تزامنت هذه الحروب الأهلية مع انخفاض كارثي في القوة والنفوذ
البيزنطيين. فقد شهدت الفترة بين عامي 1071 و1081 ثماني ثورات. تلت هذه المرحلة فترة استقر
فيها الحكم خاصة إثناء حكم سلالة "كومنينوس" بين عامي
1081و 1180. تمكن أباطرة هذه السلالة من استعادة حدود الإمبراطورية جزئيًا. لكنهم لم يتمكنوا أبدًا من إصلاح الضرر تمامًا الناجم عن عدم الاستقرار في نهاية القرن الحادي عشر، ولا استعادة حدود الإمبراطورية كما كانت عام 1071.
اندلعت الفترة الثانية من الحروب الأهلية بعد وفاة مانويل في عام 1180 أخر أباطرة
سلالة "كومنينوس" التي عاشت فيها الامبراطورية فترة من الأمان والاستقرار.
فقد أطاح أندرونيكوس الأول كومنينوس بابن مانويل، ألكسيوس الثاني كومنينوس، في عام
1183. وقد انتشر الإرهاب خلال حكمه مما أدى إلى زعزعة استقرار الإمبراطورية
داخليًا، وانتهي عدم الاستقرار بالإطاحة به وموته في القسطنطينية عام 1185.
كانت السلالة «الأنجيلوسية» التي حكمت بين عامي 1185 و1204 إحدى أكثر الإدارات غير الناجحة وغير
الفعالة في تاريخ الإمبراطورية. ففي خلال فترة حكمها، انفصلت بلغاريا وصربيا
والمجر عن الإمبراطورية.
كما استطاع السلاجقة الأنراك من الاستيلاء على
جزء من أرض الأمبراطورية.
أدت الخلافات بين أعضاء سلالة «أنجيليد» الضعفاء وغير الفعالين إلى نهب القسطنطينية. فقد أُحرقت القسطنطينية في حكمهم ونُهبت ودُمرت. وقُتل آلاف من مواطنيها. وهرب الكثير من السكان الذين نجوا، وعم
الخراب جزءًا كبيرًا من المدينة المُهجرة. كانت الأضرار التي لحقت ببيزنطة لا
تحصى. يشير العديد من المؤرخين إلى هذه اللحظة باعتبارها المرحلة الفارقة والتي أدت
إلى القضاء على الأمبراطورية بالضربة القاضية. وعلى الرغم من إصلاح الإمبراطورية
في عام 1261 بعد استعادة المدينة من قبل إمبراطورية نيقية. لم تتعافى الإمبراطورية من أضرارها أبدًا ولم تستعد إلا القليل من حدودها
الإقليمية السابقة وثروتها وقوتها العسكرية.
- الصراعات مع الدول الأخرى
خاضت الدولة البيزنطية الكثير من التحديات مع الدول الأخرى، مثل: أتيلا الهوني، والقوط الغربيين، والوندال، والألان
والعثمانيون والفرس. فقد استطاع العثمانيون من السيطرة على مصر
والشام وصقلية، وكريت، وقبرص. وتمكنت الإمبراطورية السلجوقية في القرن
الحادي عشر من الاستيلاء على أرمينيا والأناضول. واستولى النورمان على الأراضي الشاسعة في إيطاليا.
لمزيد من المعلومات عن اسباب انهيار الدولة البيزنطية شاهد الفيديو، وإطلاع على المراجع المرفقة [x].
تعليقات