التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الطفرات في صبغيات وجينات الخلايا الجسدية والخلايا الجنسية

الطفرات الجسدية

لكل نوع من الكائنات الحية عدد ثابت من الصبغيات (الكروموسومات)، يحمل الجينات التي تعطي الأوامر للخلايا. وأي تغير في هذا العدد أو ‏في حجم الصبغيات أو تركيبها قد يؤدي الى تغير في المادة الوراثية، أي إصابة الكائن بمرض ورثي. ففي الانسان مثله مثل أي كائن ‏آخر تورث التغيرات في الصبغيات من أحد الأبوين، إذا حدث تغير في صبغيات خلاياه الجنسية: البويضة أو الحيوان المنوي أو ‏حبوب اللقاح في النبات. أما إذا كانت التغيرات في صبغيات الخلايا الجسدية فلا تورث للأجيال القادمة. للعلم التغيرات التي تحدث ‏في صبغيات الخلايا الجنسية وتسبب أمراضا وراثية، لا يكون لأي فرد القدرة على السيطرة عليها أو تصحيحها.

‏قد تكون التغيرات التي تحدث بالصبغيات تغيرات في العدد أو تغيرات في التركيب. ينتج عن التغير في العدد وجود نسخ اضافية ‏أو نسخ محذوفة لصبغ معين.‏ والتغير في التركيب يكون نتيجة لتغير في تركيب المادة الصبغية الناتجة عن وجود مادة اضافية ‏أو مادة محذوفة من الصبغ.. أما العدد الكلي للصبغيات فيبقى ثابتا. وقد تكون التغيرات في ترتيب تسلسل ‏النكليوتيدات أو قي عددها عن طريق إضافة قاعدة أو أكثر. أو عن طريق حذف قاعدة نتروجينية أو أكثر. أو عن طريق جين نطاط. ‏

‏على الرغم من وجود التغيرات الصبغية بنسبة كبيرة في البشر. وأن لهذه التغيرات آثار سلبية على نمو الأجنة وتطورها. لكن اغلب هذه التغيرات تجهض بصورة طبيعية في المراحل الأولى من الحمل. ويبقى بعضها. وهذا يؤدي إلى أطفال مصابون بسبب هذه التغيرات، وتظهر عليه أعراض هذه الإصابة. ‏

‏ سنتناول في هذا المقال الأنواع الرئيسية للتغيرات أو ما يعرف بالطفرات سواء بالصبغيات أو الجينات.‏

تعريف الطفرات

‏تعرف الطفرة بأنها: "التغيرات التي تحدث في المعلومات الجينية - المعلومات الوراثية الحيوية المشفرة في تسلسلات "DNA"، ‏و الصبغيات التي تحويها. أو في تسلسلات "RNA" في حال بعض الفيروسات". ويمكن تعريفها أيضا بأنها: "أي تغير مفاجئ وثابت في ‏التركيب الكيميائي للجين يؤدي إلى ظهور صفة وراثية جديدة تنتقل بدورها من جيل إلى آخر". أو بأنها: "العملية التي يتم من خلالها تغير ‏الجينات من شكل أليلي إلى آخر". ‏

‏قد تغير الطفرات من ترتيب تسلسل النكليوتيدات. أو من عددها عن طريق إضافة قاعدة أو أكثر. أو عن طريق حذف قاعدة أو أكثر أو عن طريق جين نطاط. وكما هو مسلم به فإن خلايا الكائن الحي تحتوي على أعداد ثابتة ومتساوية من الصبغيات. وتحمل هذه الصبغيات الجينات التي تنتقل من جيل إلى جيل، محافظة على صفات وخصائص النوع. إلا أنه في بعض الأحيان، فإن ‏ الصبغيات والجينات يحدث بها ‏طفرات تعطي تراكيب شاذة يمكن تميزها بكل وضوح.  والطفرات الجينية عبارة عن تغيرات تحدث في ‏موقع أو جين واحد، ينتج عنها صورة أخرى لهذا الجين. بالرغم من أنه يصعب تمييز هذا النوع من الطفرات سيتولوجيا، فإنها تؤثر على ‏الشكل المظهري والتفاعلات الأيضية للكائن الحي.. ويسمى الكائن الحي الذي تحدث به الطفرة ويبدي مظهراً جديداً نتيجة لوجود الطفرة ‏طافر. وتعرف المادة التي تحدث الطفرة بأنها أي عامل كيميائي أو فيزيائي له القدرة على إحداث الطفرات.‏

الطفرات والتنوع الوراثي

‏تمثل الطفرات المواد الأولية للتنوع الوراثي في الكائنات الحية. وهي المسؤولة عن التطور في الكائنات عامة. إلا أن تأثيراتها قد تكون ‏ضارة أو نافعة أو لا تضر ولا تنفع أو محايدة. فالطفرات الضارة يتم التخلص منها عن طريق الانتخاب الطبيعي، إحدى آليات التطور. أما ‏الطفرات التي لا تضر ولا تنفع فقد تتراكم وتصبح شائعة من خلال الانحراف الوراثي ‏(Genetic Drift)‏. والطفرات شبه المحايدة قد ‏تكون مؤذية أو مفيدة بشكل طفيف، إلا أن معظمها مؤذية قليلاً. قد لا يكون للتغيرات التي تنتج عن الطفرات أي تأثير. وقد تحدث تغير ‏في النواتج الجينية أو النسل. أو قد تمنع الجين عن العمل بشكل صحيح أو بشكل مطلق. من حسن الحظ أن معظم الطفرات لا تضر ولا ‏تنفع ولا تؤدي إلى تغيرات ملحوظة. باستثناء الطفرات التي تعدل من البروتينات الناتجة عن الجينات، ففي أغلب الأحيان تكون ضارة. ‏

مكان حدوث الطفرات

‏تحدث الطفرات في جميع أنواع الخلايا سواء كانت جسدية أو جنسية. وعندما تحدث الطفرة في الخلايا الجسدية فإن الخلايا المنحدرة ‏فقط من انقسام الخلية التي حدث بها التغير هي التي تحتوي على الطفرة. فمثلا، إذا حدثت الطفرة في خلايا النسيج ‏المرستيمي للبرعم، فإن جميع خلايا الجزء الخضري الناتج من البرعم المرستيمي تحتوي على تأثير الطفرة. هذا النوع من الطفرات لا يورث، ‏إلا إذا كان التكاثر خضريا باستخدام هذا الجزء الخضري الناتج من البرعم المرستيمي. على العكس من ذلك، فإن الطفرات التي تصيب ‏الخلايا الجنسية، فإنها والفرد الذي ستشارك في تكوينه سيحملان تأثيرها. الأكثر من هذا، إذا كانت الطفرات سائدة فإن صفتها سوف ‏تظهر في الجيل الأول. وإذا كانت متنحية فسوف تظل محمولة في الكائن الحي في صورة خفية إلى أن تتحد مع جين متنحي لنفس الصفة ‏عند الإخصاب. وينتج عن ذلك كائن تظهر فيه الصفة المتنحية. وبناء على ما سبق، تصنف الطفرات حسب نوع الخلايا إلى طفرات ‏جسدية وطفرات جنسية. ‏

خصائص الطفرات

‏من خصائص الطفرات أنها تحدث تغير فجائي ووراثي للكائن. وأنها نادرة الحدوث ولكنها متكررة. وأنها مستقلة عن بعضها ‏البعض، ويمكن للكائن الحي أن يحمل عددا كبيرا منها. و أن معظمها غير مرغوب فيها. وأن اكتشافها يعتمد على الأثر الذي تتركه. إلا أن ‏كثير من الطفرات لا يمكن الاستدلال عليها إذ أن تأثيرها طفيف على الشكل المظهري، ومعظمها متنحي.‏

أنواع الطفرات من حيث المنشأ

‏- الطفرات الطبيعية

تعرف الطفرات الطبيعية، بأنها: "عبارة عن التغيرات التي تنشأ طبيعياً في المادة الوراثية دون سبب معروف ‏وبدون تدخل الإنسان". وهذا النوع من الطفرات غير معلوم سبب حدوثها، فمن المحتمل أن تكون بسبب الإشعاعات المؤينة الموجودة في ‏الطبيعة نتيجة للعناصر المشعة والأشعة الكونية وأثار من النظائر المشعة. وقد تكون بسبب تأثير درجات الحرارة العالية والمنخفضة وتأثير ‏المواد الكيميائية. ويلعب تأثير الإشعاعات دورا أساسيا في حدوث الطفرات الطبيعية.

عموما معظم الطفرات الطبيعية ضارة بالكائن الحي ‏بدرجات متفاوتة تعتمد على طبيعتها ودرجة تأثيرها. ويرجع ذلك إلى أن الجينات المكونة للتركيب الوراثي لأي كائن ناتجة من انتخاب ‏مستمر عبر الأجيال المتعاقبة. انتخاب يجعل الكائن أكثر تكيفا مع البيئة التي يعيش فيها. أي: يكون هناك توافق بين جينات الكائن والبيئة ‏التي يعيش فيها. مما يجدر ذكره، أن معظم الطفرات الطبيعية متنحية. وأن طفرة من كل مائة طفرة منها سائدة. من السهولة اكتشاف طفرة ‏تصيب صفة مظهرية كاللون والطول. بينما يصعب اكتشاف الطفرة التي تصيب صفة فسيولوجية أو تشريحية دون استخدام طرائق خاصة ‏بذلك.‏

- الطفرات المستحدثة

تعرف الطفرات المستحدثة، بأنها: "عبارة عن التغيرات التي تحدث في المادة الوراثية نتيجة تعرض الكائن الحي ‏لعوامل تتفاعل مع المادة الوراثية فتسبب الطفرات". من هذه العوامل أشعة أكس والاشعة فوق البنفسجية والصدمات الحرارية المرتفعة أو ‏المنخفضة، والمعاملة بالمواد الكيميائية المختلفة. وقد كان "لموللر" السبق في استخدم أشعة أكس لاستحداث الطفرات صناعياً في ذبابة ‏الفاكهة. ثم تبعه "ستادلر" في استخدمها لاستحداث طفرات في الذرة الشامية.‏

أنواع الطفرات

- أنواع الطفرات من حيث التأثير

‏تتنوع الطفرات من حيث التأثير. فبعضها مميت، أي: تسبب الموت للكائن الحي أو الجنين. والبعض الأخر نصف مميت، أي: يقلل ‏من نسبة البقاء على فيد الحياة ويسبب التشوهات. وهناك نوع ثالث يعرف بطفرات العقم، أي: الطفرات التي تسبب العقم.‏

‏- أنواع الطفرات حسب تأثيرها على البنية

‏ثمة طرائق مختلفة يمكن أن يتغير بها تسلسل الجينات، الأمر الذي يفضي إلى أنواع مختلفة من الطفرات، تختلف تأثراتها على الكائن ‏باختلاف حيثيات حدوثها. فالطفرات التي تعدل من وظائف البروتينات بالطبع ستكون تأثراتها أكبر وأكثر. عموما تصنف الطفرات التي ‏تحدث في بنيات الجينات إلى طفرات صغيرة (طفرات جينية)، وطفرات كبيرة (طفرات صبغية). 

الطفرات الصغيرة (الطفرات الجينية)

الطفرات الصغيرة أو الجينية هي الطفرات التي تحدث في تسلسل الـ"DNA" الذي يشكل ‏جين معين. هذا النوع من الطفرات يؤثر فقط على نكليوتيدة واحد أو عدة نكليوتيدات في الجين، وهو يتضمن:‏

طفرة الازاحة

طفرة إزاحة الإطار(Frame Shift Mutation)

تنتج هذه الطفرات عن حشر عدد من النوكليوتيدات (ليس من ‏مضاعفات الرقم ثلاثة) في منطقة التشفير من الجين. فتؤدي إلى تغيير إطار قراءة الشفرة. هذا النوع من الطفرات يغير كل الأحماض ‏الأمينية. ومن المحتمل جداً أن ينتج عنها بروتين غير وظيفي، لكونه يختلف بدرجة كبيرة عن البروتين العادي.

الطفرات النقطية أو طفرات تبدل القواعد

تنتج غالباً عن كيميائيات أو أخطاء تحدث أثناء تضاعف الـ “DNA". وهي عبارة عن ‏تبديل نكليوتيدة بآخرى. وهو بمثابة تبديل حرف كيميائي بآخر في الجملة، مثل تبديل أدنين بــ جوانين. هنالك نوعان من الطفرات ‏النقطية:‏‎ ‎

الانتقال ‏Transition

وهو الأكثر شيوعاً. يشير إلى استبدال بورين ببورين آخر. أو استبدال بريميدين ببريميدين آخر. مثل تبديل ‏A-T‏ إلي  ‏G-C‏. الانتقال يمكن أن يحدث بسبب حمض النيتروز، أو تضارب ازدواج القواعد، أو نظائر القواعد المطفرة.

التبادل ‏Transversion

أما التبادل فهو أقل شيوعاً، وفيه يستبدل البورين ببريميدين، أو العكس، مثل تبادل ‏C-G‏ إلى ‏G-C.

تصنف الطفرات النقطية التي تحدث في مناطق تشفير البروتينات في الجين إلى ثلاثة أنواع.‏

طفرة صامتة أو محايدة ‏Silent mutation

تستبدل الكودون بآخر يحدد شفرة جينية لنفس الحمض الأميني، ولا تتسبب في تغيير ‏البروتين الناتج.

طفرة مغلطة و طفرة هرائية

طفرة مغلطة ‏Missense mutation

تستبدل الكودون بآخر يرمز لحمض أميني مختلف. هذا قد يحدث تغيراً بسيطاً في البروتين ‏الناتج. على سبيل المثال، فقر الدم المنجلي ينجم عن طفرة نقطية تحدث في جين الهيموجلوبين بيتا. والذي يؤدي لتغير أحد الأحماض ‏الأمينية في البروتين الناتج.

طفرة هرائية ‏Nonsense mutation

تستبدل الكودون المشفر للأحماض الأمينية بكودون توقف. وتتسبب بإنتاج بروتين غير ‏مكتمل. قد تكون تأثير هذه الطفرات جسيم. حيث أن البروتين الناتج سيكون غير مكتمل على الأغلب. وبالتالي لن يؤدي الوظيفة التي ‏يقوم بها.

‏الطفرات كبيرة

التغير في عدد الصبغيات

كما هو معلوم فإن عدد الصبغيات في كل خلية جسدية من خلايا جسم الانسان هو 46 ‏صبغ. الا انه في بعض الحالات، يولد الطفل حاملا عدد صبغيات أقل او أكثر من العدد الطبيعي. مما يترتب عليه اكتساب أو ‏فقد الطفل عددا من الجينات. وفقد أو اكتساب عددا من الجينات يؤثر بدورها على بعض وظائف جسم الطفل.

‏من الأمراض الوراثي الأكثر انتشارا متلازمة "داون". ففي هذه المتلازمة تحتوي خلايا الشخص على 47 كروموسوم بدلا من 46 ‏كروموسوم. وهذا نتيجة لوجود 3 نسخ من الكروموسوم رقم 21 بدلا من نسختين فقط.

طفرات تغير من تركيب الصبغ

التغير في تركيب الصبغ

الطفرات الكبيرة أو الصبغية هي طفرات تحدث في أقسام من الصبغ. وتغير من بنيات ‏الكروموسومات أو ترتيبها. وهي تتضمن:‏

طفرات الحذف ‏(Deletion)

تؤدي لحذف مناطق كروموسومية، مما يؤدي لفقدان الجينات التي في هذه المناطق.

طفرات التضاعف ‏(Duplication)

تؤدي لإنتاج نسخ من مناطق كروموسومية، مما يجعل عدد الجينات المتموضعة فيها مفرطاً.

التكوين الحلقي للصبغيات

هو اتصال نهايتي الصبغ فيأخذ الشكل الحلقي. ‏ويحدث التكوين الحلقي للصبغيات نتيجة لفقدان جزء من كل طرف من الصبغ، مما ينتج عنه أن يكون طرفي الصبغ لزجين ‏وبالتالي عند اتصالهما يتكون الشكل الحلقي.

ويعتمد الضرر الناتج عن هذا النوع من التغير على الجزء المفقود من الكروموسوم ‏قبل تكوين الكوموسوم الحلقي.‏

طفرات تغير من تركيب الصبغ

طفرات الإضافة ‏(Insertion)

تؤدي لإدخال منطقة جديدة إلى الكروموسوم، والتي قد تتسبب في ربط جينات منفصلة لتشكل ‏جينات مندمجة ذات وظيفة جديدة ومختلفة.

وهذه الطفرات تتضمن:‏

الإزفاء: تبادل القطع الوراثية بين كروموسومين غير متماثلين. 

الخبن الخلالي: خبن يحدث داخل الكروموسوم، وهو حذف قطعة "DNA" من الصبغ، بحيث يؤدي ذلك لتجاور جينات كانت ‏متباعدة.

‏‏انقلاب كروموسومي: عكس اتجاه جزء من الكروموسوم.  

فقدان التغاير الزيجوتي: فقدان أليل واحد في كائن حي كان به أليلان مختلفان، وذلك إما عن طريق الخبن أو التأشيب.

‏- أنواع الطفرات حسب تأثيرها على الوظيفة

طفرات فقدان الوظيفة: هذه الطفرات تحدث عندما تصبح وظائف نواتج الجينات غير مكتملة أو معدومة. أي عندما يفقد الأليل وظيفته ‏بالكامل (أليل عديم الوظيفة). فإن الطفرة التي تسببت في ذلك غالباً يطلق عليها طفرة عديمة الشكل ‏(amorphic)‏. وعادةً تكون ‏الأنماط الظاهرية المرتبطة بهذه الطفرات متنحية.‏

طفرات كسب الوظيفة

طفرات تغير النواتج الجينية بحيث تكسبها وظائف جديدة وشاذة. هذه الطفرات عادة تكون مرتبطة بأنماط ظاهرية ‏سائدة. وهي غالباً تسمى طفرات جديدة الشكل أو جديدة البنية ‏(neomorphic)‏.‏

طفرات سالبة سائدة

تسمى أيضاً طفرات مضادة للشكل ‏(antimorphic)، تؤدي لأن تعمل النواتج الجينية المعدلة بشكل مناهض ‏للأليلات برية النمط. هذه الطفرات عادة ما تنتج وظائف جزيئية معدلة (عادة تكون غير نشطة). والأنماط الظاهرية المقرونة بها تكون ‏سائدة أو شبه سائدة.‏

الطفرات المميتة

تؤدي لموت الكائن الحي الحامل لهذه الطفرة.‏

الطفرات الرجعية

طفرات نقطية تسترجع التسلسلات الأصلية، ومن ثم النمط الظاهري الأصلي.‏

التأثير الحيوي للإشعاعات

‏بعد أن استخدم "موللر" اشعة اكس لاستحداث طفرات في ذبابة الفاكهة، أجريت العديد من الدراسات لاكتشاف العلاقة بين ‏عدد الطفرات المستحدثة وجرعة أشعة اكس. وأمكن استنتاج أن معدل الطفرات يتناسب طرديا مع جرعة أشعة اكس. وأن تعرض ‏الكائن الحي لنفس القدر من الإشعاع في زمن وجيز وبكثافة عالية. أو في مدة طويلة وبكثافة منخفضة يؤدي إلى عدد متساو من الطفرات.  ‏و أن ليس لطول الموجة تأثير عند استخدام أشعة اكس. فللأشعة طويلة الموجة والأشعة قصيرة الموجة نفس التأثير عند الاستخدام بنفس ‏الكثافة.‏

‏درجة الحرارة واستحداث الطفرات

‏عندما قام "موللر" بتربية عدد من ذباب الفاكهة طيلة دورة حياته تحت ظروف حرارية مختلفة وجد أن معدل الطفرات يعتمد على ‏درجة الحرارة. فقد زاد معدل الطفرات خمسة أضعاف مع كل زيادة 10 درجات حرارة مئوية. تمكن "موللر" أيضا من إحداث طفرات ‏بمعدلات مرتفعة بتعريض ذباب الفاكهة لصدمات حرارية مرتفعة ومنخفضة لا تؤدي إلى موتها. ‏

المواد الكيميائية التي تحدث الطفرات

‏كان هناك محاولات عديدة لأحداث طفرات باستخدام المواد الكيميائية، لكنها لم تنجح حتى قيام الحرب العالمية الثانية. حيث تمكن ‏‏""أورباخ وروبسون من إثبات أن غاز الخردل يحدث طفرات بذبابة الفاكهة. وقد بدأت هذه الدراسات بعد ملاحظات أن الحروق التي ‏تحدث نتيجة لاستخدام زيت الخردل مماثلة لتلك الحروق التي يحدثها الإشعاع. ومع أن هذه النتائج قد توصل إليها الباحثون في ‏عام1941م. إلا أنها ظلت في طي الكتمان إلى أن نشرت في عام 1946م. وقد فتحت هذه الأبحاث منذ ذلك التاريخ الباب على ‏مصراعيه لاكتشاف العديد من المواد الكيميائية التي تحدث الطفرات، منها:‏

متشابهات القواعد: مواد كيميائية تحدث أخطاء تزاوجيه للقواعد النيتروجينية أثناء تضاعف "DNA" مثل: 5- برومويوراسيل الذي يحل محل ‏(C)‏ ويرتبط مع (‏(G‏. ‏

صبغات الأكريدين: تسبب طفرات إزاحة الإطار، ومنها: البروفلافين الذي يضيف قاعدة بين القواعد النيتروجينية للـ"DNA". ويزيد من توتره ‏مما يسبب حدوث التواء للـ"DNA" وظهور أخطاء في التضاعف كالزيادة والنقصان.  ‏

العوامل المؤلكلة (Alkylating agents)‏: تعمل هذه المواد على نقل مجموعة الميثيل أو الإيثيل إلى قواعد "DNA". مما يؤثر على ‏خواصها وتفاعلها. وحدوث تغيرات استبداليه. ومنها: الفينول، والفرمالدهيد، وغاز الخردل، وحمض النيتروز، والنيتروزجوانيدين، وغيرها من ‏المواد الكيميائية القادرة على أكسدة القواعد النيتروجينية. وإزالة مجموعات فعالة كمجموعة الأمين. واستبدالها بالكيتون. وتحويل الأدنين إلى ‏مركبات أخرى. وتغيير قواعد ارتباط القواعد النيتروجينية. وإحداث الطفرات والسرطانات.

المراجع

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC222607/pdf/pnas00191-0196.pdf

https://en.wikipedia.org/wiki/Mutation

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة اكتشاف الجينوم البشري واستخدماته الطبية ‏

مفهوم الجينوم البشري الجينوم البشري عبارة عن مجموعة كاملة من تسلسلات الحمض النووي للبشر، مشفرة على شكل DNA داخل 23 زوجًا من الكروموسومات في نواة الخلية. وفي جزيء DNA صغير موجود داخل الميتوكوندريا الفردية. وبهذا يشمل الجينوم البشري الجينوم النووي وجينوم الميتوكوندريا. اكتشاف الجينوم البشري في عام 1953م أثبت واطسون وكريك ‏أن الجينات عبارة عن لولب مزدوج من ‏الحمض النووي DNA. وكان هذا الاكتشاف من أعظم الاكتشفات البشرية. في عام 1980م ظهرت فكرة الجينوم. ‏وكان عدد الجينات البشرية التي تعرف ‏عليها العلماء حوالى 450 جين. في ‏منتصف الثمانينات. تضاعف هذا العدد ‏ثلاث مرات ليصل إلى 1500 جين. ‏بعض هذه الجينات كانت المسببة لزيادة ‏الكوليسترول في الدم (أحد أسباب ‏مرض القلب) وبعضها يمهد للإصابة ‏بالأمراض السرطانية. توصل العلماء إلى ان هناك ما بين 60: ‏‏80 ألف جين في الأنسان. موجودة على ‏‏23 زوجا من الكروموسومات. وتعرف ‏المجموعة الكاملة للجينات باسم الجينوم ‏البشرى. وقد تم اكتشاف أكثر من نصف ‏هذه الجينات حتى الأن. قصة تسلسل الجينوم البشري ‏تم تحديد تسلسل الحمض النووي بالجينوم البشري بالكامل في عام 2022....

قصة اكتشاف البروتينات بخلايا الكائنات الحية

قصة اكتشاف البروتينات وصف البروتينات لأول مرة الكيميائي الهولندي جيراردوس يوهانس مولدر. أما تسمية البروتين فترجع إلى الكيميائي السويدي يونس جاكوب بيرسيليوس، وذلك في عام 1838. أجرى مولدر تحليلًا أوليًا للبروتينات الشائعة ووجد أن جميع البروتينات تقريبًا لها نفس الصيغة التجريبية، C 400 H 620 N 100 O 120 P 1 S 1 . لقد توصل إلى استنتاج خاطئ مفاده أنها قد تكون مكونة من نوع واحد من الجزيئات (الكبيرة جدًا). ثم اقتراح مصطلح "بروتين" لوصف هذه الجزيئات بيرسيليوس زميل مولدر. البروتين مشتق من الكلمة اليونانية ( (proteios ، والتي تعني "الابتدائي" أو "في المقدمة"، أو "الواقف في المقدمة". ومضى مولدر في تحديد منتجات تحلل البروتين مثل الحمض الأميني الليوسين الذي وجد له وزنًا جزيئيًا (صحيحًا تقريبًا) يبلغ 131 دالتون. اعتقد علماء التغذية الأوائل، مثل الألماني كارل فون فويت، أن البروتين هو أهم عنصر غذائي للحفاظ على بنية الجسم. لأنه كان يعتقد بشكل عام أن "اللحم يصنع اللحم". قام كارل هاينريش ريتهاوزن بتوسيع معرفته بالبروتين مع التعرف على حمض الجلوتاميك....

كيقية تحضير سم الريسين من بذور نبات الخروع؟

  الموطن الأصلي والوصف الظاهري الموطن الأصلي لنبات الخروع جنوب شرق حوض البحر الأبيض المتوسط وشرق إفريقيا والهند. وتنتشر زراعته رئيسياً في البرازيل والهند والصين والاتحاد السوڤييتي (سابقاً) وتايلند. ينسب إليه نحو 17 صنفاً، تشتمل على أشجار وشجيرات تُنتِج بذوراً كبيرة، ونباتات عشبية حولية تُنتِج بذوراً أصغر حجماً. وتعد الأصناف المستزرعة حالياً من الأصناف الأصغر حجماً وأمكن تطويرها بالتحسين الوراثي، بهدف الحصول على نباتات تتميز بمردود عال من البذور. وبالرغم من البذور سامة فإن الزيت غير سام.الأن شجر الخروع منتشر في جميع أنحاء المناطق الاستوائية ويزرع على نطاق واسع في أماكن أخرى كنبات للزينة. الوصف الظاهري الخروع نبات شجري يتبع العائلة اللبنية. اسمها العلمي (باللاتينية: Ricinus communis ). وهو نوع من النباتات المُزهرة والمُعمِّرة التي تُستخدم في الزينة. الشجيرة سريعة النمو. يمكن أن تصل إلى حجم شجرة صغيرة، حوالي 12 مترًا (39 قدمًا). يبلغ طول الأوراق اللامعة 15-45 سم (6-18 بوصة). الأوراق متبادلة. راحية تشمل على خمسة إلى اثني عشر فصًا عميقًا بأجزاء مسننة خشنة. في بعض الأصناف، عندما تكون...

الهيل: التوزيع والانتشار والفوائده الصحية ‏

التوزيع والانتشار يعرف بالهيل في الجزيرة العربية والشام. ويعرف بالحبهان في مصر. كما يعرف بقاع القلة أو القعقلة في المغرب العربي. هذه الاسماء الشائعة مجتمعة تشير إلى نوعين من النباتات ينتميان إلى جنسين مختلفين من الفصيلة الزنجبارية. يتوزع الهيل، أو الهيل الأخضر في المنطقة من ماليزيا إلى الهند. ويتميز بلون ثماره الأخضر الفاتح. أما الهيل الأسود (الهيل البني، أو هيل جافا، أو هيل بنغالي، أو هيل سيامي، أو هيل أبيض أو أحمر) فيتوزع بصورة رئيسية في آسيا وأستراليا. وتتميز ثماره بأنها أكبر وذات لون بني غامق. والهيل الأسود أو البني زكي الرائحة قوي المذاق له العديد من الاستعمالات. فهو يدخل في عمل القهوة والحساء ويعتبر من أغلى أنواع التوابل. وتتميز حبوب الهيل بشكله المثلثي في القطع العرضي، وتحمل الحبوب بذور سوداء صغيره.استخدام الهيل في القهوة: في بلاد الخليج يضاف الهيل إلى القهوة. فيكسبها طعماً ونكهة مميزة. وقد اثبت الدراسات العلمية أن الزيوت الطيارة ذات الرائحة العبقة في بذور الهيل، تبطل مفعول الكافيين على الجسم. لمعرفة كيفية زراعة الهيل شاهد الفيديو في الرابط المرفق. أن طريقة تحميص حبوب البن لإعد...

مراحل تطور علم الخلية منذ ولادته الأولى حتى يومنا هذا

منذ زمنا بعيدا والانسان يدفعه فضوله للبحث عن ماهية الخلايا وتركيبها ووظيفتها. ومعرفة ما بها من مكونات وتركيبها ووظائفها. هذا ‏ الفضول وما أثمر عنها من تراكم معرفي أدى إلى نشأة علم الخلية كأحد علوم البيولوجي. ما هي العلوم التي ساعدت على نضج علم الخلية؟ وقد ساعد على نضج علم الخلية تقدم علوم أخرى أهمها: علوم الكيمياء ‏ والفيزياء البصرية والأجنة والتشريح وغيرها. كذلك، فإن هناك علاقة قوية ووثيقة بين علم الخلية وعلمي الوراثة والفسيولوجيا. فعلم الوراثة ‏ يهتم بكيفية انتقال المادة الوراثية من جيل إلى جيل وعلاقة ذلك بانقسام الخلايا. بينما يهتم علم الفسيولوجيا بالأنشطة الحيوية التى تتم ‏ داخل الخلايا والتي توضح بصورة جلية الأهمية الوظيفية للمكونات الخلوية المختلفة. كما يهتم بالآليات التي تمكن الخلية من القيام بالتغذية ‏ والتكاثر والنمو وغيرها. إضافة لما تقدم، لعلم الخلية دورا مهما في فهم الأسباب التى تؤدى إلى تحويل الخلايا الطبيعية إلى ‏ خلايا شاذة، وما يخلفه ذلك من أمراض. ففهمي اسباب هذه الامراض ساعد قي كيفية العلاج منه. بصفة عامة فإن لهذا العلم أهمية كبرى ‏ فى نواحى الحياة الطبيعية و...