قبل إنشاء رسالة للمؤسسة/البرنامج/
الكلية. يجب أن يكون هناك رؤية وطنية تحدد الاحتياجات المجتمعة للأمة من خلال
مجموعة من الاهداف الاستراتيجية التي تتفرع بدورها إلى اهداف فرعية. يتفرع كل منها
أو ينشأ منها رسالات كل مؤسسات الامة، وما تحتها من وحدات إدارية أو أكاديمية.
فرسالة كل من المؤسسة/البرنامج/ الكلية ترسم الطريق، وتحدد الأهداف التي يجب العمل
عليها. لكن يجب أن تكون متضافة مع المؤسسات الأخري بالقطاعات المختلفة من الامة
لتحقيق الرؤية الوطنية على امتداد مداها الزمني. إذا أردنا توجيه كل طاقات
المجتمع وقدراته لتحقيق الرؤية الوطنية. فالرؤية الوطنية مكون رئيس من مكونات إدارة الجودة.
ما المقصود بالرؤية الوطنية؟
الرؤية الوطنية هي خطة استراتيجية طويلة المدى لتحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة في كل المجالات، وتوطينها بأجهزة الوطن المختلفة. باللغة الدارجة ما يأمل الوطن أن يحققه في فترة زمنية محددة: عشرة أو عشرون سنة مقبلة. فمثلا قد تستند الرؤية على مبادئ "التنمية المستدامة الشاملة" و"التنمية الإقليمية المتوازنة".
ما هي التنمية المستدامة الشاملة وما أبعادها؟
التنمية المستدامة هي التنمية التي
تضع نصب اعينها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وتستغل
الموارد المتاحة استغلال أمثل، بما يلبي حاجيات أفراد المجتمع، دون إهدار أو
التفريط في حق الأجيال القادمة. وتُجرى التنمية المستدامة في ثلاثة مجالات رئيسة
هي: المجال الاقتصادي، والمجال الاجتماعي والمجال البيئي..
ماهي التنمية الاقليمية المتوازنة وكيفية تحقيقها؟
التنمية الإقليمية المتوازنة هي:
"إطار تخطيطي يحدد الاتجاهات الرئيسة لكيفية توزيع الموارد المادية والبشرية
بين الأقاليم المختلفة بالشكل الذي يضمن تناسب أهداف التنمية الإقليمية مع أهداف
التنمية الوطنية". عمليا، هي تحقيق العدالة في توزيع الأنشطة الاقتصادية،
والاجتماعية، والعمرانية، والخدمية، والثقافية بين الأقاليم المختلفة بالوطن؛ لتحقيق
الرفاه الاجتماعى لسكان كل الأقاليم.
وتتحق التنمية الاقليمية المتوازنة
من خلال الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية بكل إقليم.
وتحديد ما يناسبه من استثمارات، بهدف تقليل التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية بين
مختلف الاقاليم.
وإيجاد توازن بين أهداف التنمية والنظم البيئية. بمعنى
آخر دماج البعد المكانى فى السياسات والاستراتيجيات، والبرامج بكل القطاعات، على
كافة المستويات، من خلال نهج تشاركى بين كافة الأطراف الفاعلة.
وضمن إطار من التكامل والشفافية فى عملية صنع القرار.
وصياغة وتنفيذ وتقييم خطط التنمية علميا بما يساعد فى تحديد الأولويات بالاقاليم
المختلفة.
واعتماد معايير الاستدامة كمقياس فى تلبية متطلبات المجتمع، ضماناً لوصول ثمار
التنمية إلى الجميع فئات المجتمع، وجميع أقليم الوطن.
ففي جودة المياه مثلا تهدف الاستدامة
الاقتصادية إلى رفع كفاءة استخدام
المياه في التنمية بصفة عامة. وتهدف
الاستدامة الاجتماعية علميا إلى تأمين حصول الفقراء على المياه سواء في المنازل و/أو المشاريع الزراعية
الصغيرة.
وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان حماية موارد المياه العذية منها والجوفية وأنظمتها
الإيكولوجي.
وفي جودة الغذاء تهدف
الاستدامة الاقتصادية إلى رفع الإنتاجية الزراعية لتحقيق الاكتفاء الغذائي
والتصديري.
وتهدف الاستدامة الاجتماعية إلى تحسين الإنتاجية، بما يضمن الأمن الغذائي المنزلي،
والعائد الاقتصادي الجيد. وتهدف
الاستدامة البيئية إلى ضمان الاستخدام
المستدام للموارد الطبيعية من أراضي ومياه وحياة برية وأسماك.
وفي جودة الصحة تهدف الاستدامة
الاقتصادية علميا إلى زيادة الإنتاجية من خلال الرعاية الصحية والوقائية.
وتهدف
الاستدامة
الاجتماعية إلى الرعاية الصحية الأولية للفقراء، وحماية صحة البشر، والحد من
التلوث بما يحقق المعاير العالمية لنقاء الهواء والمياه و للضوضاء.
وتهدف
الاستدامة
البيئية
إلى
حماية الموارد البيولوجية والأنظمة
الإيكولوجية والأنظمة الداعمة للحياة، إضافة إلى ضمان الاستخدام
المستدام للأراضي والطاقة والموارد المعدنية.
كيف تنشأ رؤية الوطن؟
تنشأء رؤية الوطن من جمع اراء كافة
أصحاب المصلحة من مسؤولين حكوميين وممارسين في مجال التنمية وممثلي المجتمع
المدني والقطاع الخاص وبالتعاون مع شركاء التنمية بكل
ما تعارف عليه من وسائل استطلاع الأراء. ومن
دراسات مراكز التخطيط الاستراتيجي، ودراسات وأبحاث محلية، واقليمية و عالمية.
ومن معلومات تاريخية عن كل قطاعات التنمية.
و.ذلك لمواكبة التغييرات التي طرأت على السياق المحلي والإقليمي والعالمي.
ما مدى الموازنة بين متطلبات التنمية على المدى القريب والمدى البعيد؟
الرؤية الوطنية
هي المفتاح لسد الفجوة بين متطلبات جودة التنمية على المدى القريب والمدى البعيد. ومن
اللافت للانتباه من تجارب الأمم السابقة
أن إجراءات جودة التنمية التي تستجيب فقط لحالة الطوارئ عادة لا تتطابق مع الأولويات
اللازمة لبناء الرؤية وتطوير الوطن. ولذلك يجب
أن تترجم الرؤية المشتركة إلى استراتيجيات تتضمن أولويات واضحة وتكون مقنعة بدرجة
كافية للعمل بموجبها في جدول الأعمال قصير المدى (المشاريع سريعة العائد).
ما دور الأطراف المعنية في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة؟
يتطلب تنفيذ الإصلاحات المطلوبة
التزام جميع الأطراف المعنية العمل عليها وتحقيقها؛ لإحداث التغييرات أو الإصلاحات
اللازمة لتعزيز التنمية وجودتها من خلال إجراءات على المدى القصير. وهذه الإجراءات قصيرة
المدى هي التي تبني الرؤية الوطنية. لذلك، إذا لم يكن هناك توازن مناسب بين
الإجراءات قصيرة المدى والرؤية طويلة المدى، فلن تصبح الرؤية حقيقة أبدًا.
ما هي الطريقة المثلى لتنفيذ الإصلاحات ذات الأولوية؟
من الضروري استخدم الحزم أو
الاقتناع من خلال التوعية الثقافية لتنفيذ الرؤية، لأن الإصلاحات ذات الأولوية عادة ما تؤثر على أطرف من
المجتمع، وتفيد اطراف اخرى. من الطبيعي أن يكون هناك إجماع. لكن يجب استيعاب
الخلافات من خلال التوعية الثقافية.
واتخاذ الترتيبات اللازمة لتعويض أصحاب المصلحة الذين سيخسرون نسبيًا على
الأقل على المدى القصير. من خلال إجراءات
مؤسسية لسد الفجوة بين الاصلاحات على المدى القصير و الاصلاحات على المدى البعيد. إن
تقييم الإجراءات قصيرة ومتوسطة المدى يجعل من الممكن إعادة ترتيب الأولويات لتحقيق
الرؤية طويلة المدى.
ما هي العلاقة بين الرؤى الوطنية والبرامج الحكومية؟
تكون التوافقات بين اصحاب
المصلحة أكثر قابلية للتطبيق والفعالية عندما تكون نتاج رؤية مشتركة للمستقبل.
ومن أجل تحقيق هذه الرؤية، فإن المطلب الأول هو التشخيص المشترك للوضع والتحديات
التي ينطوي عليها. وتعتمد الرؤية إلى حد كبير على هذا التشخيص. في الرؤية، يجب أن
يكون لجميع أصحاب المصلحة دورا في المشاركة في وضع إصلاحاتها الاساسية، وفي
المساهمة في تحقيقها.
فالسعي إلى التوصل إلى توافقات لا
يهدف إلى تحقيق إجماع أسطوري أو نموزجي فيما يتعلق بالإجراءات المطلوبة لتحقيق
الرؤية.
بل يسعى إلى تحقيق توافقات حول الإصلاحات الأساسية التي يجب تحقيقها. ولا تتحق التوافقات إلا من خلال نشر ثقافة الجودة بأهمية الرؤية الوطنية بين أصحاب المصلحة.
ما هي استراتيجية التنمية المتوازنة؟
يجب أن تكون الرؤية شاملة ومتوازنة
ومتسلسلة بشكل جيد. وتعكس وتوفق بين المصالح
والتحديات المتعددة الموجودة في أي مجتمع. لا يكفي الاتفاق على الأهداف الرئيسية
للوطن.
بل يجب أيضًا تحديد الأولويات والأساليب للتقدم نحو الرؤية المشتركة. إن الرؤية
التي تركز فقط على التنفيذ الشامل يمكن أن تكون مشلولة، حيث أن التقدم نحو رؤية
مشتركة يتم تحقيقه بالضرورة على مراحل. فالتطورات الجزئية المتتابعة هي التي تبني
الثقة تدريجياً بين أصحاب المصلحة.
من الأهمية بمكان تحديد الأولويات
التي تعكس حقيقة أن الإصلاحات تحدث عادة في تسلسل يجب احترامه. يجب ألا تحدد
الرؤية ما يجب القيام به فحسب، بل يجب أيضًا أن تحدد كيف ومتى، مع تحديد النتائج
المتوقعة بوضوح.
هل يمكن بناء رؤية مشتركة خارج المؤسسات الديمقراطية؟
الرؤية هي عملية متعددة الأوجه
تعتمد على المشاركة والالتزام النشط من جانب أصحاب المصلحة الرئيسيين كجزء رئيس من إدارة الجودة الشاملة.
وهي عملية لبناء الثقة. وهي مصممة
لضمان أن التعاون هو الدعامة الأساسية للتحول في الوطن. وتنشأ هذه الثقة عندما
يشعر أصحاب المصلحة الرئيسيون أن هناك قيمًا ومبادئ مشتركة في بلادهم تسمح
لهم جميعًا بالاستفادة من المشاركة.
إن بناء رؤية مشتركة هو عملية
متعددة الأوجه. إنها عملية ثقافية، يستطيع فيها كل صاحب مصلحة أن يتجاوز مصلحته
الشخصية، دون أن يتجاهلها، من أجل تلبية المصلحة الجماعية اللازمة لبناء الوطن.
إنها عملية سياسية ملزمة، وأساس المؤسسات الديمقراطية. لا يمكن بناء رؤية مشتركة
خارج المؤسسات الديمقراطية، ولا خارج مؤسسات المجتمع المدني. فبناء الرؤية
الوطنية عملية اجتماعية، لا يكتب لها النجاح دون دعم ومشاركة المنظمات المدنية.
على الرغم من أنه في بعض البلدان
قد يتم تجسيد الرؤية في وثيقة. إلا أن
الشيء المهم والأساسي هو العملية التي يلتزم بموجبها أصحاب المصلحة بالعمل
على بناء الرؤية المشتركة. ولا يتم الالتزام إلا من خلال التوعية الثقافية باهمية بناء الرؤية المشتركة. فالوثيقة التي لا تتضمن التزاما فعالا من الجميع هي
ميثاق ميت.
وهذا النوع من الرؤى تعج به مكاتب ومكتبات الدول إحادية التفكير والرؤى.
هل هناك ترتيبات مؤسسية محددة لصياغة الرؤية وتنفيذها؟
عملية بناء الرؤية الوطنية
ليس لها شكل فريد. ولكن يجب أن تتكيف مع وضع البلد
ومع خصوصيات أصحاب المصلحة المشاركين. عملية البناء لها أصول مختلفة وتأخذ
أشكالًا مختلفة في مختلف البلدان. وقد تكون الرؤية صريحة أو ضمنية. وقد تكون نتيجة
لمبادرة من الحكومة أو من قبل أحد أصحاب المصلحة الآخرين، على سبيل المثال،
القطاع الخاص. وقد تكون ملزمة لأصحاب المصلحة السياسيين أو لممثلي منظمات المجتمع
المدني. تشير التجربة إلى أنه كلما كانت عملية بناء الرؤية أكثر رسمية وتمثيلية،
كلما أصبحت أكثر فعالية واستدامة.
الرؤية الرسمية هي تلك التي تنشأ
من عملية مؤسسية وتحظى بدعم واضح من أصحاب المصلحة. الرؤية التمثيلية هي
الرؤية التي يشارك فيها أصحاب المصلحة الاجتماعيون والسياسيون الرائدون في
البلاد. كلما زاد مشاركة وتمثيل أصحاب المصلحة، كلما كان التزامهم أقوى
وكانت الرؤية المشتركة أكثر فعالية. ومن ثم تصبح معيارًا إلزاميًا لجميع أصحاب
المصلحة الوطنيين.
ما هي أسس الحوار المجتمعي الناجح؟
أسس الحوار المجتمعي الناجح هو
تحديد المواضيع التي سيتم التفاوض أو المشاورات حولها، وكذلك المجال الذي سيتم فيه
الحوار أو التفاوض. ويجب تحديد الأولويات لتحقيق التوافقات. إن تحقيق التوافقات
حول مكان وكيفية التقدم هو سبب وجود عمليات الحوار المجتمعي هذه. وفي الواقع، فإن
وجود هدف اجتماعي مشترك، مثل خلق فرص العمل أو التشغيل الكامل، قد أدى في بعض
الأحيان إلى إنشاء مؤسسات وترتيبات للحوار المجتمعي.
كيف يكون الاتفاق المجتمعي فعال؟
بمجرد تحديد أولويات محددة، يبادر اصحاب
المصلحة الذين لديهم اهتمام بهذه الاولويات في المشاركة في التنفيذ. وبما أن أصحاب
المصلحة المعنيين ليسوا دائماً من السلطة، لهذا يكون من الضروري إنشاء منتديات
للحوار تأخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار. فقد يكون أصحاب المصلحة من
النقابات التي تهتم بإصلاحات التعليم أو
الصحة مثلا.
لكي يكون التوافق المجتمعي فعالاً،
يجب أن يأخذ في الاعتبار مختلف مجالات الحوار أو التفاوض التي لا تشمل جميع أنحاء
البلاد. وقد يتعين تنفيذ ذلك على المستوى القطاعي أو الإقليمي، حتى يكون المشاركون
في الحوار ممثلين. إذا أريد للتوافقات أن تكون فعالة، فلا بد من أن تكون عملية التوصل
إليها من خلال أصحاب المصلحة الذين يتعين عليهم تنفيذها. لذلك لا بد من
وجود منتديات كثيرة للحوار.
ما هي شروط المشاركة المجتمعية حتى يكون الحوار ناجحا؟
من الضروري مراعاة القدرات
المختلفة للمشاركين في الحوار المجتمعي (التمثيل، التماسك الداخلي، القدرة
الفنية). من الضروري أن تكون شروط المشاركة متساوية من أجل الحفاظ على ثقة أصحاب
المصلحة، ولكن يجب أن تكون هناك أدوات لدعم المشاركين الأضعف. كما أنه من
الضروري تعزيز دور المشاركين من خلال نشر مساهمتهم ونتائج عملية الحوار المجتمعي.
إذا كانت بعض الجهات الفاعلة تفتقر
إلى القدرة الفنية للانضمام إلى الحوار، فيجب مساعدتهم للحصول على هذه القدرة.
وإذا كانت بعض الجهات الفاعلة تفتقر إلى التنظيم والتمثيل الوطنيين، فيجب تعزيز
هذا التمثيل.
ما هي كيفية إدارة الصراعات بين أصحاب المصلحة؟
يمكن للهياكل المؤسسية المستقلة
إدارة الصراعات وتعويض أصحاب المصلحة الذين قد يتكبدون خسائر على المدى
القريب من عملية الإصلاح. وبما أن إدخال الإصلاحات الأساسية للتنمية يولد صراعات
توزيعية، فلا بد من وجود مؤسسات للتعامل معها. إذا لم يكن هناك منتدى رسمي لحل
تضارب المصالح هذا، فسيتم عادةً التعبير عن الاختلافات بشكل غير رسمي. من الواضح
أن عدم القدرة على التنبؤ والغموض الذي يحيط بهذه العمليات غير الرسمية يصبح عقبة أمام عملية التنمية التي تفتقر إلى مؤسسات لحل
النزاعات. وفي بيئة غير رسمية، تتمتع سلطات الأمر الواقع بالسلطة.
وتتألف عادة من أولئك الذين يمتلكون القوة الاقتصادية. وفي المقابل، فإن الطبيعة
الأحادية للقرارات الناشئة عن العمليات غير الرسمية تؤدي إلى عدم الاستقرار، وتقويض
عملية التنمية.
ما هي الكيفية التي يمكن بها دعم الاستراتيجيات الشاملة والمتوازنة؟
من المهم أن يتجمع القطاع الخاص
حول استراتيجية مشتركة وأن يشارك في الحوار مع أصحاب المصلحة الآخرين. فالقطاع
الخاص أقل تجانساً مما يعتقد البعض. فهو يتكون
من قطاعات مختلفة، مثل: صناعة الخدمات والتصنيع والتجارة والبناء والمالية، والتي
لها في بعض الأحيان أجندات وأولويات متضاربة.
يمكن للحوار والتوعية الثقافية لمختلف المنظمات
والجمعيات التي تمثل القطاع الخاص أن يساعدوا في تحديد جدول أعمال مشترك للنمو
والتنمية. وينبغي أن يستفيد هذا الحوار من مساهمات أصحاب المصلحة الآخرين
داخل الحكومة وخارجها في الوصول إلى جدول أعمال مشترك يقوم على احتياجات البلاد
وواقعها المعاش.
ما هو دور كل من الحكومة والقطاع الخاص في وضع أجندة سياسية فعالة لتحقيق النمو على المدى الطويل؟
يمكن للحكومة والقطاع الخاص العمل
معًا لوضع أجندة سياسية فعالة لتحقيق النمو على المدى الطويل. فاستقرار الاقتصاد
الكلي، والتكامل الدولي للاقتصاد، والمؤسسات القوية هي أسس مهمة لاقتصاد تنافسي ولكنها
ليست ضمانة للنمو الاقتصادي المستدام. ومن أجل خلق بيئة تنافسية يمكن للقطاع الخاص
أن يتطور فيها، هناك حاجة إلى التحسين المستمر للإطار التنظيمي و إلى وضع حوافز
قوية للابتكار.
يجب على الحكومة والقطاع الخاص
إقامة حوار مستمر حول قضايا السياسة الرئيسية.
وتحديد مجالات، مثل: التعليم والصحة حيث يمكن للسياسات العامة واحتياجات القطاع
الخاص أن تعزز النمو والقدرة التنافسية في هذه المجالات.
هل لطبيعة العلاقة بين الحكومة والبرلمان دور مؤثر في المشاركة المجتمعية؟
يجب على الحكومات الاستثمار في
المؤسسات (البرلمان ومؤسسات المجتمع المدني)؛ لتسهيل عملية الحوار السياسي و/أو
الاجتماعي، والعلاقة بينهما. يمكن للحكومات عمل منتديات للاجتماعات بين البرلمانات
وممثلين لمؤسسات المجتمع المدني. إن الحكومة هي بالضرورة صاحبة مصلحة في كلتا
المؤسستين.
وبالتالي فهي الأقدر على إدارة أو على الأقل عقد اجتماع بينهما. يجب أن يتم تمويل
مؤسسات الحوار المجتمعي علانية ولكن بشكل مستقل عن الحكومة، مع وجود موظفين فنيين
لضمان إجراء حوار مستنير وبالتالي مسؤول. وقد تكون السلطة التي يتبعونها و/أو التي
تعين رئيسهم هي السلطة التنفيذية أو الهيئة التشريعية. على أية حال، بالإضافة إلى
تمويل مؤسسة الحوار، عادة ما يكون من الضروري أيضًا دعم أصحاب المصلحة
الأضعف حتى يتمكنوا من المشاركة، خاصة في الحوارات التي تتطلب معرفة واسعة
بالموضوعات قيد المناقشة.
أحد أشكال التمكين الفعالة هو نقل
عملية صنع القرار إلى المؤسسات المستضيفة للحوار ونشر نتائج الحوار المجتمعي والسياسي
على المجتمع. فنقل عملية صنع القرار يمنح المنظمات الممثلة سببًا للوجود. ونشر التوافقات
ونتائج الحوار يعزز ثقة الناخبين بمؤسساتهم وقياداتهم.
التوافقات السياسية تكون أكثر
صلابة وقابلية للحياة عندما تكون مصحوبة بتوافقات ملزمة لمنظمات المجتمع المدني. فوجود
اتفاق على رؤية وطنية بين هذه المجموعات (المجتمعية والسياسية) يزيد، أو حتى يخلق،
القدرة على الاستمرار سياسيا. وتزداد اهمية هذه التوافقات أيضًا عندما تكون هناك
روابط واضحة ورسمية بين عمليات الحوار المجتمعي والمؤسسات الديمقراطية لصنع القرار
السياسي.
التوافقات المجتمعية والسياسية
تعزز بعضها البعض في عملية بناء الرؤية. وهي برهان
أو دليل جيد على ربط مؤسسات الحوار المجتمعي رسميًا بالبرلمان، و على التزام حكومى
بالتواصل مع هذه المؤسسات والتشاور معها. وهذا يعزز دور البرلمان وبالتالي دور
الديمقراطية في التنمية. إذا أصبح البرلمان، باعتباره هيئة دائمة، أكثر التزامًا
بالرؤية، فمن المرجح أن ينعكس ذلك في الإجراءات الحكومية الممولة في إطار
الميزانية الوطنية.
هل يمكن بناء رؤية وطنية في ظل حكومة لا تسمع إلا صوتها؟
تتعزز الديمقراطية والقدرة على
بناء رؤية وطنية من خلال مشاركة والتزام المجتمع المدني المنظم. إن الجهات الاجتماعية
الفاعلة، التي تمثل مصالح محددة ودائمة ذات صلة بأغلبية كبيرة، تجعل الاتفاقات
السياسية صلبة ودائمة. ومع ذلك، خاصة في البلدان الأقل تطورًا نسبيًا، يعد المجتمع
المدني المنظم أمرًا نادرًا، خاصة في المجموعات ذات القوة الاقتصادية الأقل. وفي
أي اجتماعات عفوية لقادة المنظمات الاجتماعية الرئيسية في البلاد، فإن أولئك الذين
لديهم بالفعل أكبر قدر من القوة الاقتصادية يميلون إلى أن يكونوا ممثلين بشكل
زائد.
دعم إنشاء منظمات المجتمع المدني
التي تكون منفتحة وشفافة وخاضعة للمساءلة.
يمكن أن يخلق الظروف الملائمة للمشاركة الهادفة من جميع قطاعات المجتمع ويحقق
التوازن بين قوى المصالح الخاصة.
ما هو دور البرلمان في تحديد الرؤية الوطنية؟
إن وجود هيئة رسمية داخل البرلمان
لتحديد الرؤية المستقبلية ومتابعة وتقييم التقدم فيها يساعد بشكل كبير في تصميم
وتنفيذ الرؤية الوطنية. قد تتخذ هذه الهيئة الرسمية أشكالًا مختلفة يحددها
البرلمان. وهذه الهيئة تكون المسؤولة الوحيدة عن تحقيق الإجماع على الرؤية
الوطنية بالبرلمان، ومتابعة خطط التنمية الوطنية التي تعدها السلطة التنفيذية.
و الموافقة على الميزانيات الوطنية التي تحقق برامج ومشاريع الرؤية لعدة سنوات.
وتسهيل تحقيق توافقات طويلة الأجل مع الشركاء الدولين.
تعد خطط وعمليات الموازنة عالية
الجودة، بما في ذلك الصياغة والتقييم، أفضل مصدر للتوافقات حول الرؤية الوطنية
أو على الأقل حول الإصلاحات الرئيسية التي يتعين القيام بها. ويتم تسهيل ذلك من
خلال وجود برامج متعددة السنوات تسمح بالمراقبة الفعالة للتقدم المحرز وفعالية
الأنشطة ذات الأولوية في الموازنة السنوية.
ما هي الشروط الاساسية لبناء توافقات دائمة وقابلة للتنفيذ بين اصحاب المصلحة؟
شفافية السياسة وجودتها شرطان
أساسيان لبناء توافقات دائمة وقابلة للتنفيذ. وهذا يعني مسؤولية الحكومة ومساءلتها
فيما يتعلق بالالتزامات السياسية والبرامجية التي تعهدت بها، و وبتعزيز الوفاء
بها. يتم تعزيز الرقابة البرلمانية والمدنية من خلال زيادة الشفافية في النشاط
الحكومي. فمن الضروري إنشاء آليات لجعل الإجراءات الحكومية أكثر شفافية وخضوعاً
للمساءلة
الأهداف والتقييمات الصريحة
والكمية تسهل المشاركة والرقابة. عندما
يكون هناك هدف تنموي ويكون هناك تقييم عام وموضوعي لتحقيقه، يتحقق التقدم التنموي بوتيرة
أسرع.
ما هو دور المؤسسات الدولية في دعم تطوير الرؤية وتنفيذها؟
يمكن للمؤسسات الدولية أن تكون
أساسية في دعم تطوير الرؤية. فيمكن للوكالات المتعددة الأطراف، بل ويجب عليها، أن
تكون فعالة في المساعدة في تقديم الدعم التالي:
إرشادات
عامة حول محتويات الرؤية: المجالات الرئيسية التي سيتم النظر فيها والمقترحات
الفنية الموجودة لهذا الغرض.
الدعم
الفني حول كيفية ربط الأهداف الرئيسية للرؤية بمناقشة وإقرار وتقييم ميزانية الوطن.
دعم
التعرف على المؤشرات الكمية لرصد التقدم نحو تحقيق الأهداف المختلفة.
المساهمة في بناء مؤشرات مجمعة لتسهيل رؤية
منهجية للتنمية لا تعتمد حصراً على مؤشرات النمو التقليدية.
يمكن للمؤسسات الدولية تقديم الدعم
الفني والاقتصادي لبناء رأس المال الاجتماعي، وذلك باستخدام الخبرة الدولية
الواسعة المكتسبة في هذا المجال. جزء من هذا الدعم يتمثل في التعاون في بناء
المؤشرات لتوفير أساس موضوعي للمناقشة وتحديد الأهداف المقترحة.
يمكنها ربط قروضها، وخاصة القروض
المخصصة للإصلاحات الهيكلية، ببناء الإجماع الوطني حول تلك الإصلاحات.
فبناء الإجماع سيكون له ميزة مزدوجة: تعزيز التزام البلدان ببرامج الإصلاح الهيكلي
وتعزيز المؤسسات التي تولد التوافقات. والدرس الذي ينبثق في أغلب الأحيان من
الأمثلة الناجحة للحوار الاجتماعي والسياسي هو أن الرؤية الوطنية يجب أن
تقوم على النجاحات في حل المشكلات. وتعزز مثل هذه النجاحات ثقة الأطراف المعنية في
عملية الحوار، كما تعزز دعم ناخبيهم لبناء توافقات وطنية. إن النجاحات، مهما كانت
جزئية، تؤكد صحة العمليات التي يقوم بها أصحاب المصلحة في بناء الرؤية
الوطنية
يمكنهم المساعدة في الحفاظ على
رؤية منهجية للتنمية: أجندة متوازنة تعكس مصالح المجتمع الوطني بأكمله. ويعني هذا
عادةً أن الوكالات الدولية يجب أن تركز على أصحاب المصلحة الأضعف وأن تقدم
لهم خيارات لحل المشكلات. إن مشاكل الفقر والمساواة على وجه التحديد هي التي عادة
ما يتم تجاهلها في أغلب الأحيان في المجتمعات الأكثر حرمانًا. تقف الوكالات
الدولية عمومًا بعيدًا عن مصالح مختلف أصحاب المصلحة، مما يسهل التشخيص
والفهم المشترك لهذه المشكلات. ومن ثم فهي تساعد على إنشاء أجندة أكثر توازنا،
تمثل جميع أصحاب المصلحة الوطنيين
خاتمة
التنمية الوطنية هي عملية يتم فيها
تحولات مجتمعية كبيرة، في بناء قدرات المجتمع ورأس ماله و في التغييرات التي تطرأ
على مؤسساته. وعليه، فإن استراتيجية
التنمية هي قبل كل شيء عملية تحول ضمن رؤية شاملة، تعالج معوقات التغيير وتحدد
الإصلاحات الضرورية لتحقيقه.
الرؤية شرط أساسي للتنمية. تزداد
جدوى استراتيجية التنمية في أي بلد بما يتناسب مع مشاركة والتزام جميع أصحاب
المصلحة الاجتماعيين والسياسيين. وأظهرت تجارب الدول أن الرؤية المشتركة
للمستقبل بين أصحاب المصلحة الاجتماعيين والسياسيين الرائدين في البلاد هي
ثروة وطنية.
من المهم بشكل خاص أن تكون هناك
رؤية وطنية في عصر العولمة، عندما يتم بناء المزايا التنافسية للدول وهي ليست أمرا
مفروغا منه، وعندما تكون التحولات المطلوبة هيكلية وبالتالي طويلة الأجل. ومن
الطبيعي والواقعي أن "المستقبل لا يُبنى بالنظر في مرآة الرؤية الخلفية، بل
بالنظر في مرآة الرؤية الأمامية". إن الطريق إلى التقدم يبدأ عند وجود رؤية
وطنية، يقوم أصحاب المصلحة بصب كل جهودهم في تطبيقها، بغرض تحقيق أهداف التنمية
التي جرى التوافق عليها.
تعليقات