الأحماض النووية
يرجع
اكتشاف الأحماض النووية إلى نهاية القرن الثامن عشر، تحديدا في عام 1871م. إلا
أنه بسبب قلة المعلومات المتوفرة آنذاك عن تركيبها الكيميائي، فلم يعرها أحد
الانتباه. ولم يدرك أحدا أهميتها. وقد ساهم في ذلك بقدر كبير تخلف الطرائق
المستخدمة، والأجهزة العلمية المتاحة. ففي عام 1924م نشر العالم
"فولجين" طريقة لصباغة الحامض النووي "دي إن إي" سميت باسمه.
استطاع من خلالها تحديد موقع الحامض النووي "دي إن إي" في أنوية
الخلايا. وتعتمد طريقة "فولجين" على نوع من الأصباغ الكيميائية لها
القدرة على التفاعل مع السكريات الموجودة في الحامض النووي "دي إن إي".
مما يؤدي إلى تلون الكروموسومات باللون الأحمر. ويدلل على أن "دي إن إي"
موجود في الكروموسومات الموجودة في أنوية الخلايا (شكل
1).
فيما بعد، أوضحت الدراسات على أن الأحماض النووية
لا توجد فقط في أنوية الخلايا، بل توجد أيضا في السيتوبلازم والنوية
والميتوكوندريا والبلازميدات والبلاستيدات. هنا بدأت تتأكد الأهمية الكبري
للأحماض النووية في الوراثة، وتخليق البروتينات.
تركيب الاحماض النووية
تعتبر النيكليوتيدات الوحدة البنائية للأحماض النووية
(شكل 2). وتترتب النيكليوتيدات متتابعة في سلسلة أو سلسلتين. فالحامض النووي
"دي إن إي" يتكون من سلسلتين من النيكليوتيدات تلتف حول بعضها البعض
الأخر في صورة ضفيرة. بينما يتكون الحامض النووي "أر إن إي" من
سلسلة مفردة من النيكليوتيدات المتتابعة.
اتضح من خلال التحليل الكيميائي للأحماض النووية بأن
النيكليوتيدة تتكون من سكر خماسي وقاعدة نيتروجينية ومجموعة فوسفات. كما أظهر
التحليل الكيميائي أيضا أن السكر الخماسي في نيكليوتيدات الحامض النووي "دي
إن إي" تنقصه ذرة أوكسخين (أي يوجد ذرة هيدروجين مرتبطة بذرة الكربون رقم 2)
مقارنة مع السكر الخماسي بالحامض النووي "أر إن إي" (به مجموعة
هيدروكسيل مرتبطة بذرة الكربون رقم 2) (شكل 3). كما
تبين بأن النيكليوتيدة ثيامين في الحامض النووي "دي إن إي" تستبدل
بالنيكليوتيدة يوراسيل في الحامض النووي "أر إن إي" (شكل 4).
من خلال الدراسات الكيميائية على الأحماض النووية، تراكم كم كبير من المعلومات عن الأحماض النووية، منها: أن نسبة القواعد النيتروجينية فى الأحماض النووية مختلفة. وأنها تختلف باختلاف الكائن. وأن الأحماض النووية بها خمسة قواعد نيتروجينية، هي: الثايمين، والسايتوسين، واليوراسيل، والأدنين، والجوانين. وأن هذه القواعد تقع في مجموعتين كيميائيتين. البيرميدينات، ويتبعها الثايمين، والسايتوسين، واليوراسيل. والبيورينات، ويتبعها الأدنين، والجوانين. ترتبط النيكليوتيدات المكونة لسلاسل الأحماض النووية، من خلال ارتباط مجموعة الفوسفات الواقعة في النهاية الخامسة لنيكليوتيدة مع ذرة الكربون الثالثة للسكر الخماسي للنيكليوتيدة التالية (شكل 5). وتعرف هذه الروابط بفسفور ثنائي الإستر. وتمثل العمود
الفقري لسلاسل عديد النيكليوتيدات المكونة للحامض النووي. إن اتجاه ارتباط مجموعة الفوسفات لذرة الكربون الخامسة لسكر نيكليوتيدة مع ذرة الكربون الثالثة لسكر النيكليوتيدة التالية تستمر على طول السلسلة من طرف ارتباط مجموعة الفوسفات في النهاية الخامسة إلى طرف مجموعة الهيدروكسيل في النهاية الثالثة. في الاتجاه 5 إلى 3. مما يولد قطبية معينة ذات أهمية في التضاعف والوظائف الوراثية (شكل 24). نتيجة لذلك فإن كل سلسلة من سلاسل الحامض النووي تنتهي بمجموعة الفوسفات في النهاية الخامسة ومجموعة هيدروكسيل في النهاية الثالثة. في الـ"دي إن إي" المكون من زوج من السلاسل النيكليوتيدية، تكون نهايتي السلسلتين متعاكسة. حيث تبدأ السلسلة الأول بالنهاية الخامسة (مجموعة الفوسفات) لتنتهي بالنهاية الثالثة (مجموعة الهيدروكسيل). بينما يبدأ الشريط الثاني بنهايته المجاورة لبدية الشريط الأول بالنهاية الثالثة (مجموعة الهيدروكسيل) لينتهي بالنهاية الخامسة. (مجموعة الفوسفات). وهو ما يعرف بالتوازي المتعاكس (شكل 6-7). ولا يمكن مشاهدة التوازي المتعاكس في الحامض النووي "أر إن إي" لأنه يتكون من سلسلة مفردة.
التركيز المولارى للقواعد النيتروجية فى الحامض النووي
باستخدام الترحيل الورقي (الكروماتوجرافيا) وتحليل
البوليمرات والتحليل المائي للأحماض النووية. استطاع تشارجاف عام 1949م أن
يخلص إلى أن للتركيز المولارى للقواعد صفات ثلاث هي:
مساواة تركيز قواعد البيورينات (الجوانين + الأدنين)
لتركيز قواعد البيرميدنيات (الثيامين + السياتوسين). ويمكن أن يعبر عنها بالمعادلة
التالية:
نسبة
الجوانين = (الجوانين + السياتوسين)/(جوانين + أدينين + سياتوسين + ثيامين)
أن
تركيز كل من الأدنين والثيامين متساوي، وكذلك تركيزي الجوانيين والسايتوسين.
تعتبر نسبة البيورينات والبيروميدينات ثابتة في أفراد
النوع الواحد. إلا أنها مختلفة من نوع لأخر. وبسبب عدم دقة الأجهزة، فإن التساوي
في نسب البيورينات والبيروميدينات لا يكون مضبوطا، أي: يوجد فروق بسيطة في هذه
النسب. وتتقارب هذه النسب في الأنواع المتشابهة والأنواع ذات العلاقات التطورية
المتقاربة.
ثبات الأحماض النووية في الخلايا
تتميز جزيئات الأحماض النووية بثبتها خلويا؛
لوجود عدد من الروابط الكيميائية التي تحافظ على تركيبها متماسكا. وهذه
الروابط هي:
روابط الفسفور ثنائي الإستر: روابط
تربط بين مجموعة الفوسفات لذرة الكربون الخامسة لسكر نيكليوتيدة مع ذرة الكربون
الثالثة لسكر النيكليوتيدة التالية على العمود الفقري لسلاسل الأخماص النووية. كما
تدعم روابط الفسفور ثنائي الإستر هيكل "دي إن إي" ضد أي أضرار محتملة.
الروابط الهيدروجينية: روابط
تربط القواعد النيتروجينية في الحامض النووي "دي إن إي". ونظرا لكثرة
الروابط الهيدروجينية فمن الصعب تكسيرها إلا في درجة حرارة عالية تصل إلى 100 م تقريبا.
روابط أخرى: يوجد روابط أخرى
تربط مكونات النيكليوتيدات مع المركبات الخلوية لتدعيم البناء الجزئي للحامض
النووي.
الحلزون
المزدوج للحامض النووي
في 1953م وضع العالمان "واتسون وكريك" نموذج
الحلزون المزدوج للحامض النووي "دي إن إي". حيث اقترحا نموذج مجسم.
قاموا ببنائه. يوضح أن الحامض النووي "دي إن إي" يتكون من شريطين
يلتفان على بعضهما بطريقة حلزونية، بحيث ترتبط القواعد النيتروجينية للشريطين
داخليا. اعتمد نموذج الحلزون المزدوج الذي وضعه هذان العالمان على العديد من
النتائج العلمية التي نشرت من قبل (شكل 8). مثل:
نتائج التركيز المولاري للأحماض النووية التي نشرها العالم "تشارجاف".
ونتائج تجارب "فرانكلين وروزيلند" حول التركيب الجزئي لبلورة
"دي إن إي" باستخدام أشعة اكس. والتي ظهر من خلالها بإن هناك تنظيما
دقيقا في جزيء "دي إن إي". وأنه يتكون من شريطين حلزونيين أو أكثر وأن
التفافها نحو اليمين. وقد استنتج من هذه النتائج أن أبسط نموذج يمكن أن يبنى من
سلاسل عديد النيكليوتيدات هو أن ترتبط سلسلتان مع بعضها. بحيث تكون روابط الفسفور
ثنائي الإستر التي تربط النيكليوتيدات نحو الخارج بينما ترتبط القواعد من الداخل.
بحيث يرتبط الأدنين مع الثيامين والجوانين مع السايتوسين. وبظهور النموذج الذي
بناه "واتسون وكريك" أصبح جليا أن الحلزون المزدوج يلتف نحو اليمين.
لقد بين نموذج "واتسون وكريك" بان قطر
الحلزون الذي يفي بارتباط أزواج القواعد النيتروجينية من خلال فراغ السلسلة هو 120 أنجستروم (2 نانومتر). وأن كل سلسلة فيه تلتوى من الجهة اليمنى 34 أنجستروم. بحيث تشغل القواعد النيتروجينية مسافة 3.4 أنجستروم بين كل زوج وآخر على طول الشريط. وبحيث تتقابل عشرة
أزواج من القواعد مع بعضها قبل كل التفافه. لقد بينت التجارب التي أجريت فيما
بعد أن هذا الحلزون المزدوج هو النموذج الصحيح في معظم الكائنات. وحيث أن لكل قاعدة
شواذ. فقد وجد أن هناك نماذج "دي إن إي" يساريه الالتفاف وأشكال أخرى
نادرة. كما أوضحت أبحاث أخرى وجود شريط "دي إن إي" مفرد في بعض
الفيروسات.
أوضح نموذج "واتسون وكريك" أن الحامض النووي
"دي إن إي" يتميز باستقراره، وقدرته على التضاعف. حيث أن كل سلسلة من
سلسلتيه بعد انفصالها من الحلزون تعمل كقالب لبناء سلسلة جديدة. بحيث أن الأجيال
الجديدة من الخلايا يتكون حامضها النووي من شريط أبوي وآخر جديد. وهو ما يعرف
بالتضاعف شبه المحافظ.
الحامض النووي "دي إن إي" خارج النواة
وجدت جزيئات الحامض النووي "دي إن إي" في
بعض العضيات بالسيتوبلازم، مثل: الميتوكوندريا والبلاستيدات، إضافة إلى
البلازميدات البكتيرية. تحمل جزيئات الحامض النووي "دي إن إي"
للعضيات السابحة في السيتوبلازم عدد من المورثات يتراوح بين 5 – 100. وتتركب هذه
المورثات من نفس مكونات "دي إن إي" الموجود في ألأنويه. وتتضاعف هذه
المورثات ذاتيا. وتنتقل بانقسام الخلايا من جيل إلى جيل. وتشفر موروثات هذه
العضيات لمجموعة من البروتينات بعضها يساعد العضية على أن تقوم بوظيفتها، والبعض
الأخر له دورا مهم وحاسم في تضاعفها. كما أن لبعضها أهمية طبيعية وصناعية. فالحامض
النووي المايتوكونديري يشفر لعدد من الانزيمات التنفسية اللازمة لإطلاق الطاقة؟
بينما تشفر مورثات مقاومة المضادات الحيوية ببلازميدات البكتريا لبروتينات
مقاومة المضادات الحيوية. ويشفر "دي
إن إي" البلاستيدات لبروتينات التمثيل الضوئي.
الأحماض النووية الريبوزية
تمثل الأحماض النووية الريبوزية حوالي 10% من الأحماض
النووية بالخلايا. وتخلق الأحماض النووية الريبوزية من قالب حامض
نووي "دي إن إي"، بعملية تعرف بالنسخ.
يوجد أنواع عدة من الحامض النووي "أر إن
إي". تتباين قليلا في تركيبها. إلا أنها ذات وظائف مختلفة.، فجزيء الحامض
النووي الريبوسومى يتكون من عدة آلاف من النيكليوتيدات. في حين يتكون الحامض
النووي الناقل من 80-70 نيكليوتيدة. أما الحامض النووي الرسول فيختلف عنهما في الطول.
إلا أنه أصغر من جزيء الحامض النووي الريبوسومى (شكل 3).
على الرغم من أن جميع جزيئات الحامض النووي الريبوزى
تنتهي بعديد الأدنين.، وتبدأ بقبعة من الجوانسين. إلا أنها تختلف وظيفيا.
فالحامض النووي الرسول مؤلف من مكررات ثلاثية من القواعد النيتروجينية التي تمثل
الشفرات الوراثية المحمولة في المورثات. والتي يتم ترجمتها من خلال الريبوسومات
لإنتاج البروتينات. بينما يشارك الحامض النووي الريبوسومى فى بناء الريبوسومات. ويقوم
الحامض النووي الناقل بنقل الأحماض الأمينية اللازمة لبناء البروتين. ولهذا فإن الاحماض
النووية الريبوزية ذات أهمية كبيرة فى عمليات الترجمة التي تؤدى إلى انتاج
البروتينات.
المراجع
https://www.esalq.usp.br/lepse/imgs/conteudo_thumb/Structure-of-the-cell.pdf
https://training.seer.cancer.gov/anatomy/cells_tissues_membranes/cells/structure.html
https://www.pmf.unizg.hr/_download/repository/2_Chemical_Composition.pdf
https://www.sc.chula.ac.th/courseware/2303101j/VIII-Cell.pdf
تعليقات